أفغانستان تتحدى هيمنة الدولار؛ شراكات استراتيجية مع روسيا والصين لتعزيز الاقتصاد المحلي

وترى الأوساط الاقتصادية في كابل أن اعتماد العملات المحلية في التجارة الخارجية من شأنه تقليل الاعتماد على الدولار، وخفض تكاليف المعاملات، وتعزيز الاستقرار النقدي والمالي للبلاد، في وقت تسعى فيه الإمارة الإسلامية إلى كسر طوق العقوبات الغربية، وتوسيع دائرة شركائها التجاريين شرقاً.

 

في خطوة جريئة تعكس تحولا استراتيجياً في السياسة الاقتصادية لأفغانستان، أعلنت حكومة الإمارة الإسلامية عن تكثيف جهودها للتخلي عن هيمنة الدولار الأميركي في تعاملاتها التجارية، وذلك عبر مباحثات متقدمة مع كل من ‎روسيا و ‎الصين لاعتماد العملات المحلية في التبادلات التجارية، في مواجهة ضغوط اقتصادية متزايدة تفرضها ‎الولايات_المتحدة .

 

وأكد القائم بأعمال وزير الصناعة والتجارة في أفغانستان، الحاج نورالدين عزيزي، أن محادثات فنية تجري حالياً بين كابل وموسكو تهدف إلى استبدال الدولار الأمريكي بالروبل الروسي والعملة الأفغانية، في ظل العقوبات المفروضة على كلا البلدين موضحا في تصريح لوكالة “رويترز”، أن هذه الخطوة تحظى بأهمية اقتصادية إقليمية ودولية، وتمثل خياراً استراتيجياً لتجاوز التحديات الراهنة.

 

وقال الحاج عزيزي: “نحن منخرطون حالياً في محادثات فنية، ونعتقد أن هذا التوجه يُعد خياراً استراتيجياً مهماً للتغلب على التحديات الحالية”، مشيراً إلى أن حجم التبادل التجاري الحالي بين البلدين لا يتجاوز 300 مليون دولار، لكنه أعرب عن أمله في رفع هذا الرقم قريباً.

 

ويأتي هذا التوجه كجزء من جهود أوسع للإمارة الإسلامية تهدف إلى تعزيز الاستقلال المالي للبلاد، خصوصاً بعد أن استخدمت ‎الولايات المتحدة الأمريكية الدولار كسلاح اقتصادي ضد أفغانستان والدول، من خلال فرض العقوبات وتجميد أكثر من 9 مليارات دولار من احتياطي البنك المركزي الأفغاني، بالإضافة إلى قيود صارمة على تدفق الأموال، وتسببت هذه السياسات في حالة من عدم اليقين في الأسواق المحلية، وانخفاض في مستوى الاستثمارات والتبادل التجاري.

 

ورغم الضغوط، تمكنت الحكومة الأفغانية من الحفاظ على استقرار العملة المحلية عبر سياسات نقدية وصفت بالحكيمة، وهو ما يشير إلى تماسك اقتصادي في وجه العقوبات المفروضة، وقد شهدت العملة الأفغانية قفزات متتالية في الأيام الأخيرة مقابل الدولار إذ صرف الدولار الأمريكي الواحد مقابلة 68 أفغاني في تداولات اليوم الأحد فيما كان يُصرف الدولار قبل أسابيع مقابل نحو 75 أفغاني.

 

وفي إطار توسيع هذا التوجه، كشف الوزير الأفغاني عن محادثات أولية مع ‎الصين لاعتماد اليوان والعملات المحلية الأخرى في التجارة بين البلدين، وأوضح: “كما نعمل على تعزيز التبادل بالعملات المحلية مع روسيا، نطمح إلى بناء شراكة مماثلة مع الصين، ونتطلع لتحقيق تقدم في هذا المسار”.

 

وتشهد العلاقات التجارية بين أفغانستان وكل من روسيا والصين نمواً ملحوظاً، حيث تجاوز حجم التبادل التجاري مع الصين حاجز المليار دولار، وفقاً لتقارير رسمية، وأشار عزيزي إلى أن نحو 50% من البنوك الروسية تخضع للعقوبات، مضيفاً: “نحن نسعى للتعامل مع البنوك غير المشمولة بالعقوبات لتسهيل العمليات التجارية وخفض التكاليف”.

 

وترى الأوساط الاقتصادية في كابل أن اعتماد العملات المحلية في التجارة الخارجية من شأنه تقليل الاعتماد على الدولار، وخفض تكاليف المعاملات، وتعزيز الاستقرار النقدي والمالي للبلاد، في وقت تسعى فيه الإمارة الإسلامية إلى كسر طوق العقوبات الغربية، وتوسيع دائرة شركائها التجاريين شرقاً.

 

وبينما تتصاعد الضغوط الغربية، تواصل أفغانستان رسم مسار اقتصادي جديد، يعكس طموحاتها في بناء اقتصاد مستقل، ومتعدد الشراكات، وأقل تعرضاً لتقلبات السياسات الدولية.