أهمية مشروع “تابي TAPI” لأفغانستان!

فهذا المشروع فرصة كبيرة لخلق الثقة في المنطقة، والتي من خلالها سيُعترف بأفغانستان كشريك إقليمي استراتيجي مهم، وستقوم أفغانستان بإنشاء إطار اقتصادي مع تركمانستان والهند وباكستان، الأمر الذي سيفتح آفاقا ومجالات جديدة للتعاون من أجل التنمية والمصالح المشتركة في هذه الخارطة، ومن خلال المشروع، ستتوسع العلاقات التجارية والاقتصادية بين أفغانستان ودول الجوار.

مشروع “تابي” حلم شعب يتحقق بعد نحو 3 عقود من الزمن.

الإمارة الإسلامية خططت له إبان حكمها الأول قبل الغزو الأمريكي وها هي تبدأ أعماله الرسمية بعد دحر الاحتلال الأمريكي من أفغانستان ونيل الاستقلال والحرية.

 

في الوقت الذي يتطلع فيه العالم إلى تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وتعزيز التعاون الإقليمي، فتحت ‎#أفغانستان -التي خرجت للتو من الحروب التي استمرت عقودا- صفحة جديدة من التاريخ المشرق مع بداية مشروع “تابي” العملاق، واتخذت خطوة هامة نحو المستقل الاقتصادي الجيد.

 

“تابي” اختصار للمشروع الاقتصادي المشترك بين أفغانستان، و ‎تركمانستان و ‎باكستان و ‎الهند، والذي يُعتبر فتح باب اقتصادي جديد بالنسبة للدول المذكورة كما أن كل حرف من المشروع يحمل أول حرف لاسم هذه الدول الأربعة، ويلخص في (TAPI).

 

تتوقع هذه الدول بأن تشكل هذه الأنابيب التي سيُنقل من خلالها الغاز الطبيعي من تركمانستان إلى الدول الثلاث، نقطة تحول محورية وأملا جديدا لتعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي، وتغطية حاجات البلدان الثلاثة للطاقة، وبناء على هذا المشروع، ستأخذ أفغانستان والدول المشاركة في المشروع مكانها في المنطقة كمركز ثقل اقتصادي جديد هنا.

 

“تابي” مشروع إنشاء خط أنابيب الغاز الطبيعي، يبلغ طوله 1821 كيلومترًا، ويصل إلى الهند عبر مدن ‎هرات و ‎قندهار وهلمند الأفغانية ( أي نحو 800 كيلومترا داخل أفغانستان) مرورا بالأراضي الباكستانية عبر ملتان؛ أي أن مشروع “تابي” سيحول جغرافيا أفغانستان إلى تقاطع مهم بين وسط وجنوب آسيا.

 

تبلغ الطاقة السنوية لمشروع “تابي” 33 مليار متر مكعب من الغاز، ووفقا لاتفاقية بين كابل وعشق أباد، ستحصل أفغانستان لمدة 30 عاما على 500 مليون متر مكعب من الغاز سنويًا في السنوات العشر الأولى، ومليار متر مكعب سنويًا في السنوات العشر الثانية ومليار ونصف المليار متر مكعب سنويًا في السنة الثالثة، إضافة إلى ذلك ستحصل أفغانستان على 450 مليون دولار سنويا رسوم مرور أنابيب الغاز التركماني عبر أراضيها.

تعد ولايات هرات وفراه وهلمند وقندهار من الولايات التي ستمر من خلالها أنابيب الغاز التي يبلغ طولها 1814 كيلومترا، سيمر منها أكثر من 800 كيلومتر عبر الأراضي الأفغانية.

 

إن مشروع “تابي” جزء أساسي من السياسة الخارجية للإمارة الإسلامية، كما أنه ليس مجرد بداية للتنمية الاقتصادية فحسب؛ بل هي مرحلة تطور هامة في مجال تعزيز العلاقات بين دول المنطقة، وفرصة ذهبية لبناء الثقة بينها.

 

ومن خلال هذا المشروع، ستتحول أفغانستان إلى محطة طاقة مهمة وطريق عبور هام، مما سيحافظ على كفاءتها وقدرتها على تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين وسط وجنوب آسيا، كما أن المشروع من شأنه أن يؤدي إلى تحسين التعاون الاقتصادي بين دول المنطقة، وسيساهم في تطوير الاقتصاد الأفغاني، وتحسين الظروف المعيشية للشعب الأفغاني.

 

أفغانستان، التي بدأت للتو في التحرك نحو إعمار البلد بعد عقود من الحروب والصراعات، سوف تتجه نحو تحريك عجلة اقتصادها وحل مشاكلها في مجال الطاقة إلى حد كبير، بالإضافة إلى ذلك، سيتم توفير فرص العمل لآلاف المواطنين الأفغان، وبناءً على ذلك، فإن بدء مشروع “تابي” في أفغانستان يُعد إنجازًا كبيرا للإمارة الإسلامية في المجال السياسي والاقتصادي لا سيما في مجال السياسة الخارجية ذات التوجه الاقتصادي، وإذا أمعنّا النظر في الخطوات التي اتُخذتْ في فترة حكم الإمارة الإسلامية، سيتجلى لنا أن أفغانستان بدأت تعيد مكانتها، وأنها ستتحول إلى مجال اقتصادي كبير كونها تقع في وسط آسيا، وتُعتبر نقطة وصل بين وسط وجنوب هذه القارة.

 

كما أن انطلاق هذا المشروع، وتمكّن الإمارة من بدء أعماله يثبت أن جهود الإمارة الإسلامية باتت تحظى على الثقة والاعتماد على المستويين الدولي والإقليمي. ولا تترد دول المنطقة في الاستثمار في المشاركة في مستقبل أفغانستان تحت هذا النظام الذي يتمتع بالاستقلال والحرية الكاملة في قراراته ومخططاته، ولا يخضع لأجندات أجنبية، ولذا بدأت مشاريع عملاقة -كانت مجرد حبرٍ على الورق سابقا رغم الدعم الأمريكي السخي للأنظمة التي كانت موجودة في أفغانستان أثناء الاحتلال الأمريكي الذي استمر عشرين عاما- ترى النور من جديد مع وصول الإمارة الإسلامية إلى الحكم كما أن انطلاق مثل هذه المشاريع الاقتصادية الإقليمية تحمل في طياته بشريات غدٍ أفضل للشعب الأفغاني وأفغانستان.

 

كما أن بدء أعمال مشروع تنموي إقليمي مثل “تابي” بضخامته وأهميته يثبت كفاءة الإمارة الإسلامية وقدرتها على تأمين البلاد، وجعلها مستعدة لضم مثل هذه المشاريع في أراضيها. ولا شك أن تنفيذ مثل هذه المشاريع على أرض أفغانستان صفعة قوية على وجه أولئك الذين يبثون الدعاية الكاذبة ضد الإمارة الإسلامية، ويحاولون تشويه صورتها على الصعيد الدولي، وعلى أنها غير قادرة على استتباب الأمن واحتواء الأزمات، والتعامل مع المشكلات. فالواقع الأفغاني الحالي يدحض هذه الدعاية الشائعات، إذ كيف يمكن لبلد غير آمن أن يضم مثل هذه المشاريع المهمة على ثراه.

 

وبدء مشروع “تابي” سيؤدي إلى ضخ الاستثمار الدولي في أفغانستان، وسيُلفت انتباه المستثمرين من خارج أفغانستان للتوجه إلى هذا البلد والاستثمار فيه، كما أنه سيرسخ مكانة أفغانستان في مجال الاقتصاد الإقليمي بشكل كبير.

 

أما سياسيا؛ فإن المشروع سيفيد أفغانستان كثيرا، وبفضله تعززت مكانة أفغانستان السياسية في المنطقة من جديد رغم استمرار الدعاية الغربية ضدها، وفرضِ ‎أمريكا وحلفائها حصارا اقتصاديا كبيرا على الشعب الأفغاني والإمارة الإسلامية.

فالمشروع سيلعب دورا إيجابيا في تعزيز العلاقات السياسية لأفغانستان مع دول المنطقة كما أنه سيتيح لأفغانستان فرصة لتصبح جزءا هاما من الأنشطة الاقتصادية على الصعيدين الإقليمي والدولي كما أن البلاد ستحصل على النفوذ والثقة عالميا.

 

كما أن الدول المنخرطة في المشروع ستبذل قصارى الجهد لأجل تعزيز استقرار وأمن أفغانستان للحفاظ على مصالحها معها؛ لأن مشاريع اقتصادية عملاقة مثل “تابي” وغيرها نجاحها مرهون بالسلام والاستقرار في أفغانستان.

 

فهذا المشروع فرصة كبيرة لخلق الثقة في المنطقة، والتي من خلالها سيُعترف بأفغانستان كشريك إقليمي استراتيجي مهم، وستقوم أفغانستان بإنشاء إطار اقتصادي مع تركمانستان والهند وباكستان، الأمر الذي سيفتح آفاقا ومجالات جديدة للتعاون من أجل التنمية والمصالح المشتركة في هذه الخارطة، ومن خلال المشروع، ستتوسع العلاقات التجارية والاقتصادية بين أفغانستان ودول الجوار.