‏إعادة بناء أفغانستان؛ تبلور دور البلديات في إحياء البنية التحتية وتحقيق الاستقرار

ومنذ قدوم الإمارة الإسلامية، ظهرت ملامح جديدة للبلديات التي بدأت تتبلور بشكل أكثر فاعلية، مستفيدة من الإرادة السياسية والإدارية التي أظهرتها السلطات الحالية.

‏إعادة بناء أفغانست

في خضم التحديات التي خلفتها سنوات من الحروب والاحتلال، برز دور البلديات في ‎أفغانستان كأداة أساسية لتحقيق النهوض والتقدم في مرحلة ما بعد الصراع.

لم تكن البنية التحتية، ولا سيما شبكات الطرق، مجرد رموز للماضي المدمر فحسب، بل كانت تمثل تحديًا رئيسيًا أمام أي محاولة جادة للانتقال إلى مرحلة التنمية المستدامة.

ومن هنا، شكلت البلديات، وفي مقدمتها بلدية كابل، نقطة تحول في هذا المسار من خلال جهود ضخمة لإعادة بناء الطرق وتحسين حركة المرور، بما يساهم في تحسين حياة المواطنين.

على سبيل المثال لا الحصر، شهدت العاصمة كابل تحولًا إيجابيًا ملحوظًا خلال السنوات الثلاث الأخيرات، بفضل الجهود المستمرة التي تبذلها بلدية كابل في إعادة بناء وتحسين البنية التحتية للمدينة.
فقد أصبحت شوارع العاصمة أكثر تنظيماً وانسيابية، مع تنفيذ مشروعات ضخمة لتحسين شبكة الطرق التي كانت تعاني من التدهور الشديد نتيجة سنوات من الحرب والإهمال.

وبفضل هذه المبادرات، تحسنت حركة المرور بشكل كبير، مما سهل التنقل بين الأحياء وساهم في تخفيف الازدحام الذي كان يؤرق حياة المواطنين.

إلى جانب ذلك، فإن هذه المشاريع لم تقتصر فقط على بناء الطرق، بل شملت أيضًا تحسين خدمات المياه والكهرباء والنقل العام، مما منح كابل طابعًا جديدًا أكثر حداثة وأمانًا.

هذا التحول يعكس التزامًا حقيقيًا من قبل بلدية كابل بإعادة إعمار العاصمة وتوفير بيئة أفضل للمواطنين، وهو ما يزيد من التفاؤل بمستقبل مشرق للمدينة.

ومنذ قدوم الإمارة الإسلامية، ظهرت ملامح جديدة للبلديات التي بدأت تتبلور بشكل أكثر فاعلية، مستفيدة من الإرادة السياسية والإدارية التي أظهرتها السلطات الحالية.

وهنا سنغوص في كيفية إسهام البلديات في إعمار البلاد من خلال مشروعات الطرق، وتحليل أثر هذه الإنجازات على مستوى حياة المواطنين واستقرار المجتمع:
أفق جديد للبلديات بعد سنوات من الفوضى؛
لم يكن دور البلديات في أفغانستان قبل قدوم الإمارة الإسلامية موضع تقدير، فالبنية التحتية كانت في حالة مزرية نتيجة لعقود من الحرب والاحتلال.

المدن الكبرى، مثل كابل ومزار شريف وجلال آباد وغيرها، كانت تئن تحت وطأة دمارٍ شامل طال الطرق والمرافق العامة.

إضافة إلى ذلك، كانت السياسات السابقة تفتقر إلى رؤية واضحة للتنمية المستدامة إذ كان الاهتمام الحكومي بالحرب كما أن الفساد كان قد استشرى في عروق تلك الحكومة التي شكلها ودعهما الاحتلال الأمريكي والناتو، ما جعل من إعادة بناء البلاد مهمة شاقة وبطيئة بالنسبة للسلطات الجديدة.

ولكن، مع وصول السلطات الحالية، بدأ الدور المركزي للبلديات يبرز بشكل لافت في إطار الاهتمام الفائق التي أولته الإمارة الإسلامية لهذا الجانب، فقد بدأت الحكومة في إعطاء الأولوية للبنية التحتية باعتبارها ركيزة أساسية للإعمار، وشرعت البلديات، وبخاصة بلدية كابل، في اتخاذ خطوات جادة لإعادة تأهيل شبكات الطرق في العاصمة الأفغانية والمدن الكبرى.

إعادة بناء شبكات الطرق: المشروع الذي لا غنى عنه؛
إن الطريق، سواء كان مرصوفًا أو غير مرصوف، يعد العنصر الأهم في حياة المدن والمجتمعات، وقد أظهرت بلدية كابل ونظيراتها في المدن الرئيسية بأفغانستان خلال السنوات الثلاث الماضية، على وجه الخصوص، التزامًا غير مسبوق بتحسين شبكة الطرق في العاصمة ومدن أخرى، وهذا التوجه لم يكن مجرد تحسين للبنية التحتية، بل كان خطوة استراتيجية لتحفيز الاقتصاد المحلي وتسهيل الحركة اليومية لملايين المواطنين.

فمن خلال إعادة بناء الطرق الرئيسية، وتوسيع الشوارع الضيقة، ورفع كفاءة الأنفاق والجسور، ساعدت البلديات على استعادة الحركة الطبيعية في المدينة التي كانت تعاني من اختناقات مرورية غير مسبوقة.

وفي حين أن الطرق ليست مجرد ممرات للشحن والنقل، إلا أنها تمثل شريان الحياة لأي مدينة حديثة، وكل خطوة في تحسينها تحمل في طياتها إشارة إلى تقدم مستمر.

إزالة الموانع الخرسانية؛
من أبرز ما قامت به بلدية كابل وبلديات أخرى، هو إزالة الموانع الخرسانية التي كانت قد وضعتها القوات الأمريكية والإدارة السابقة في شوارع العاصمة ومدن أفغانية أخرى، وهذه الموانع، التي كانت تستخدمها القوات الغربية لتأمين مقراتها ومعسكراتها وقواعدها من ضربات المجاهدين، كانت قد تحولت إلى عائق رئيسي أمام حركة المرور في المدن الأفغانية، وقد أضرت بعامة الناس، وعرقلت تحركاتهم وأمورهم اليومية، ولأن العاصمة ومدن أفغانية أخرى كانت تعاني بالفعل من مشاكل مرورية خانقة، كانت هذه الموانع تشكل عنصراً مضافاً للضغط على المواطنين.

و مع وصول الإمارة الإسلامية إلى الحكم في البلاد بعد الفتح المبين الذي أنعم الله به على الشعب الأفغاني، كان القرار الذي اتخذته القيادة حاسمًا بشأن إزالة هذه الموانع.

هذه الخطوة لم تكن مجرد إزالة للخرسانة، بل كانت خطوة نحو استعادة حرية الحركة وتخفيف الضغط على الحياة اليومية للمواطنين، إذ أن إزالة الحواجز الخرسانية لم تساهم فقط في تحسين تدفق المرور، بل كانت أيضًا بمثابة رسالة رمزية تؤكد على التحول والحرية التي تعيشها أفغانستان في مرحلة ما بعد الصراع.

استجابة المواطنين؛ تفاعل إيجابي مع الإنجازات
لا شك أن نجاح البلديات في إعادة بناء شبكات الطرق وتحسين حركة المرور قد لقي استحسانًا واسعًا واحتفاءً من قبل المواطنين وعامة الشعب.

ففي بلد عاش سنوات طويلة من الدمار، كانت هذه المشروعات بمثابة أمل جديد في العودة إلى الحياة الطبيعية، والشوارع التي كانت مليئة بالحفر والمطبات والموانع الخرسانية، أصبحت الآن أكثر سلاسة وأقل ازدحامًا، مما جعل من التنقل اليومي تجربة أقل عناء وأكثر راحة.

المواطنون في كابل وبقية المدن الأفغانية كانوا شاهدين على هذا التغيير الجذري، فالتنقل بين الأحياء والمدن أصبح أكثر سهولة، والوقت الذي كان يُهدر في الزحام المروري انخفض بشكل ملحوظ، وهذا التغيير اللافت أسهم بشكل كبير في تحسين جودة الحياة اليومية، وأسهم في تعزيز الثقة الشعبية في قدرة السلطات على الإعمار والتنمية.

التحديات المستقبلية: ما زال الطريق طويلاً
على الرغم من النجاحات التي حققتها البلديات حتى الآن، لا تزال هناك تحديات كبيرة تتطلب مزيدًا من الجهد والتخطيط الاستراتيجي في العديد من المناطق النائية، كما أن قطع الدعم الدولي أعاق الكثير من الأنشطة والأعمال التي تصب في مصلحة عامة الشعب، فالبلديات له دور حيوي في التنمية، وكانت البلديات قد حظيت بدعم دولي سخي أثناء الاحتلال الأمريكي إلا أن الأموال ذهبت إلى جيوب مسؤولين في الإدارة السابقة، وهذا الدعم قد قطع حاليا كما أن ‎#الولايات_المتحدة_الأمريكية قد جمدت مليارات الدولارات من أموال الشعب الأفغاني.

ولا تزال الحاجة ماسة إلى كثير من المشاريع التنموية ليتم تنفيذها ضمن إطار أنشطة البلديات، فشبكات الطرق بحاجة إلى تطوير، كما أن هناك حاجة ملحة لتوسيع مشاريع النقل العام، لتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة والحد من التلوث البيئي.

إضافة إلى ذلك، فإن المشاريع المستقبلية تتطلب دعمًا ماليًا مستمرًا، وتعاونًا دوليًا لدفع عجلة التنمية، وفي هذا السياق، تبرز الحاجة إلى تبني استراتيجيات مبتكرة لتمويل مشاريع البنية التحتية على المدى الطويل، وضمان استدامتها.

نحو مستقبل أفضل؛
لقد برز دور البلديات في أفغانستان كعامل محوري في تحقيق التنمية المستدامة في مرحلة ما بعد الصراع، ومن خلال مشروعات الطرق الحيوية التي تم تنفيذها، أثبتت البلديات قدرتها -بفضل الله عز وجل- على تحسين حياة المواطنين وتوفير بيئة أفضل للنمو الاقتصادي والاجتماعي.

وكانت إزالة الموانع الخرسانية، وإعادة تأهيل الطرق، جزءًا من رؤية أكبر لأفغانستان تتطلع إلى بناء مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.

ورغم أن الطريق ما يزال طويلًا، فإن ما تحقق حتى الآن هو بداية واعدة، تجسد التزام السلطات المحلية في إعادة بناء بلادهم ورفع مستوى الحياة في كل زاوية من زوايا الوطن كما أنها تتطلب دعما دوليا للاستمرار في هكذا الأعمال التي تصب في مصالح عامة الناس.