إغلاق معبر طورخم؛ باكستان تضغط على أفغانستان وتدفع الشعبين نحو المعاناة

‏   تواصل باكستان إغلاق معبر طورخم الحدودي مع ‎أفغانستان لليوم الحادي عشر على التوالي، متجاهلة المطالب المتكررة بإعادة فتحه، رغم الأضرار الاقتصادية الهائلة التي لحقت بالتجار والمواطنين في كلا البلدين، ويأتي هذا الإغلاق في وقت حساس، حيث قدم شهر رمضان، وهو ما يزيد من معاناة الشعبين، وسط نقص في السلع الأساسية وتوقف حركة التجارة […]

 

تواصل باكستان إغلاق معبر طورخم الحدودي مع ‎أفغانستان لليوم الحادي عشر على التوالي، متجاهلة المطالب المتكررة بإعادة فتحه، رغم الأضرار الاقتصادية الهائلة التي لحقت بالتجار والمواطنين في كلا البلدين، ويأتي هذا الإغلاق في وقت حساس، حيث قدم شهر رمضان، وهو ما يزيد من معاناة الشعبين، وسط نقص في السلع الأساسية وتوقف حركة التجارة عبر أحد أهم المعابر البرية في المنطقة.

 

معبر استراتيجي وخسائر ضخمة

يُعتبر معبر طورخم شريانًا حيويًا يربط بين باكستان وأفغانستان، حيث تمر عبره يوميًا مئات الشاحنات المحملة بالبضائع، من مواد غذائية وأدوية واحتياجات أساسية، ومع استمرار الإغلاق، ترتفع أسعار السلع في الأسواق الأفغانية والباكستانية، فيما يتكبد رجال الأعمال والتجار الأفغان ونظراؤهم الباكستانيون خسائر فادحة بسبب توقف التبادل التجاري بين البلدين.

 

ولم يقتصر الضرر على التجار فقط، بل امتد ليشمل آلاف العمال والسائقين الذين يعتمدون على الحركة التجارية في تأمين قوت يومهم، كما أصبح المشهد على جانبي الحدود يعكس حجم الأزمة، حيث تصطف الشاحنات في طوابير طويلة بانتظار إعادة فتح المعبر، وسط حالة من القلق والتوتر بين المتضررين.

 

ورقة ضغط سياسية أم استهداف للشعبين؟

هذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها إسلام آباد معبر طورخم كورقة ضغط على الحكومة الأفغانية الحالية، فقد سبق لها أن أغلقت المعبر مرات عديدة كلما تصاعدت التوترات السياسية بين البلدين، ومع ذلك، فإن اللافت في هذا الإغلاق الأخير هو توقيته الحرج، حيث يعاني الشعبان من أزمات اقتصادية خانقة، ويزداد الاعتماد على الواردات التجارية لتأمين الاحتياجات الأساسية، خاصة مع حلول شهر ‎رمضان.

 

ورغم الانتقادات الواسعة من التجار ومنظمات حقوق الإنسان، تصرّ باكستان على مواصلة الإغلاق دون تقديم أي مبررات واضحة، متجاهلة كل النداءات والمطالبات بضرورة فتح المعبر والتخفيف من معاناة السكان.

 

تعهدت إسلام أباد خلال محادثات أجرتها خلال اليومين الماضيين مع الجانب الأفغاني بإعادة فتح المعبر، إلا أنها تنصلت من التزاماتها كعادتها، مما عمّق الأزمة وأكد مجددًا استخدام المعبر كورقة ضغط سياسية.

 

ولم يكن تنصل باكستان من وعودها بإعادة فتح المعبر مفاجئًا، إذ سبق لها أن استخدمت معبر طورخم كسلاح ضغط سياسي في مرات عديدة، متجاهلة تمامًا حقوق الجوار ومصالح الشعبين.

 

على جانبي المعبر، يتزايد الغضب الشعبي مع استمرار الإغلاق، حيث طالب سكان وتجار مناطقة محاذية للمعبر قرب خط “ديوراند” الافتراضي على الجانب الباكستاني ونظموا وقفات احتجاجية لإعادة فتح المعبر، كما بدأ التجار ورجال الأعمال في البلدين يعبرون عن استيائهم من سياسة الإغلاق، مطالبين الحكومة بعدم الزج بالمصالح الاقتصادية في الخلافات السياسية.

 

إلى أين تتجه الأزمة؟

يبقى السؤال الأهم: هل ستتراجع باكستان عن موقفها وتعيد فتح المعبر، أم أنها ستواصل سياسة المراوغة، مما يزيد من تعقيد الأزمة؟ حتى الآن، يبدو أن الحل لا يزال بعيدًا، لكن المؤكد أن استمرار الإغلاق لن يؤدي إلا إلى مزيد من المعاناة والتوترات، في وقت تحتاج فيه المنطقة إلى التهدئة، وليس إلى مزيد من الأزمات المفتعلة.