اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
عند النظر إلى التاريخ، نجد أن طريق الهجرة كان دائمًا يحمل قصصًا من الألم، والتضحيات، والصبر، لكن تحمُّل هذه الصعوبات وتجاوز مثل هذه العقبات أنشأت حضارات جديدة، لقد جلبت هذه الهجرة بشائر يقظة الأمم، وفتحت الطريق لبداية جديدة. من الهجرة الإبراهيمية إلى الهجرة النبوية، كل مرحلة كانت مليئة بتلك القصص، ولكن […]
عند النظر إلى التاريخ، نجد أن طريق الهجرة كان دائمًا يحمل قصصًا من الألم، والتضحيات، والصبر، لكن تحمُّل هذه الصعوبات وتجاوز مثل هذه العقبات أنشأت حضارات جديدة، لقد جلبت هذه الهجرة بشائر يقظة الأمم، وفتحت الطريق لبداية جديدة.
من الهجرة الإبراهيمية إلى الهجرة النبوية، كل مرحلة كانت مليئة بتلك القصص، ولكن الهدف من كل تلك المعاناة كان الحفاظ على الكرامة، والوقار، والاستقلال.
لقد غرس هذا التسلسل من الهجرات في ذاكرة الأمم الصبر، والإيمان، والثبات. وخلال عقود من الاحتلال، اضطر الشعب الأفغاني إلى الهجرة إلى دول مختلفة للحفاظ على قيمه الإسلامية والوطنية، ولأداء فريضة الجهاد.
كل دولة احتضنت المهاجرين الأفغان جنت فوائد مالية، مادية ومعنوية كبيرة، وبقدومهم، شهدت أوطانهم موجة من البناء والتنمية وتعزيز الاقتصاد لا سيما إيران و باكستان، لكن مع إغلاق باب المساعدات الدولية في إطار دعم “اللاجئين”، بدأت بعض تلك الدول بالسلوك القسري.
كانت هذه الليالي المظلمة قاسية ومؤلمة على الشعب الأفغاني في ديار الغربة والهجرة. واليوم، ما يزال هذا الألم والمعاناة يتجسد في عيون المهاجرين الأفغان في باكستان الذين يتعرضون لأبشع أنواع التهجير القسري، أولئك الذين استغلوا وجود المهاجرين على أرضهم لبناء وطنهم وتعزيز اقتصادهم يجبرون المهاجرين على مغادرة أرضهم بشكل قسري ظالم آثم، دون أن يسمع أحد أصوات هؤلاء المهجرين قسرا أو مناشداتهم أو يُعترف بحقوقهم.
المهاجرون الأفغان الذين تركوا بيوتهم بسبب الحروب، والاحتلال، والضغوط، أصبحوا الآن تحت رحمة القسوة، والإهانة، والمعاملة السيئة. رغم أنهم ليس لديهم سجلات جريمة أو قضية قانونية، إلا أنهم يعيشون حياة مريرة ويُحرَمون من أبسط حقوقهم، بينما تحظر القوانين الدولية الطرد القسري، تقوم باكستان بهدم منازل المهاجرين الأفغان ونهب ممتلكاتهم بناءً على الكراهية، والإهانة، والتخريب، وقد خالف هذا الفعل جميع المبادئ الإنسانية والمعايير الدولية وأدى إلى وضع مأساوي للمهاجرين الأفغان.
جريدة “إكسبرس تريبيون” الباكستانية ذكرت مؤخرًا أنه تم طرد 944 عائلة، أي حوالي 6700 شخص، قسريًا، من بينهم 2071 طفلًا. وهؤلاء الأطفال الذين لا يزالون في مقتبل العمر ومرحلة أولية من الحياة، تُنتزع حلاوة طفولتهم وبراءتهم بسبب هذه العواصف القسرية التي تمارسها الحكومة الباكستانية بإيعاز من الجيش الباكستاني. هؤلاء الأطفال لم يرتكبوا أي جريمة، ولا يعرفون ما هو وزرهم، لكنهم أصبحوا ضحايا لنظام سياسي تمييزي يحكم باكستان.
تدمير المنازل، ونهب الممتلكات، والإهانة، وحرمانهم من حقوقهم هي المشاهد المروعة والفظيعة التي تكشف عنها وسائل الإعلام الاجتماعية، والتي تبين الظلم الذي تعرض له المهاجرون الأفغان على يد الحكومة الباكستانية على مدار سنوات عديدة.
اليوم، حيث تضع الحكومة الباكستانية بصمتها القاسية على المهاجرين الأفغان، يجب على العالم ألا ينسى هذه المشاهد، ويجب تطبيق جميع شعارات حقوق الإنسان التي تتكرر دائمًا هنا، وينبغي أن ينظر المدافعون عن حقوق الإنسان في العالم إلى آلام هؤلاء الأفغان المظلومين بعين العطف.
العالم ترك الإمارة الإسلامية وحيدة في احتواء الأزمة الناشئة عن موجة التهجير القسري للمهاجرين الأفغان التي بدأتها الحكومة الباكستانية مجددا، فالإمارة الإسلامية هي الحكومة الشرعية لأفغانستان، هي أضحت تواجه العديد من العقوبات العالمية حاليا في هذا العالم الظالم، وبدأت جهودًا كبيرة لمساعدة هؤلاء الأفغان.
كما قدمت إمارة أفغانستان الإسلامية إدارة مثالية لإيواء ملايين المهاجرين الذين تم طردهم قسريًا في الماضي، حيث وفرت لهم جميع التسهيلات اللازمة. واليوم، تفتح إمارة أفغانستان الإسلامية مرة أخرى أبوابها للمواطنين العائدين وتبذل جهودًا غير مسبوقة من أجل احتواء الأزمة من جديد، ومن المعابر إلى أماكن الإقامة المؤقتة، حيث التسهيلات، والمساعدات، والرعاية الصحية، وفرص العمل، كما بدأت الإمارة جهودا لتقديم ضيافة مناسبة للمواطنين العائدين وتكريمهم.
هذا الاستقبال هو بمثابة وضع ضمادات على جراح اللاجئين الأفغان من قبل نظام إمارة أفغانستان الإسلامية، ويُظهر أن الدول الأجنبية إذا ضيقت الخناق على الأفغان، فإن وطنهم الحبيب والنظام الشرعي فيه قد فتح الأبواب لاستقبالهم وإيوائهم.
اليوم، يضطر المهاجرون الأفغان مرة أخرى للعودة وترك ديار الهجرة، يشقون طرق العودة متحملين في هذا في هذا الطريق كل الآلام والمشاكل، حيث يتجسد هذا الطريق قصة من المعاناة إلى العزيمة، ومن الاحتلال إلى الاستقلال، ومن الأرض الأجنبية إلى أحضان الوطن الدافئة، إنها قصة شجاعة، وصبر، وحكمة.
هذه الحالة الأليمة ستنقضي وسنتركها وراءنا، وستتحول هذه الليالي المظلمة إلى فجر جديد مشرق، وسوف يتحول ألم المهاجرين الأفغان ومعاناتهم في ديار الغربة إلى عز وكرامة في أحضان الوطن في النهاية، وكيف لباكستان أن تتخلص من العار الذي سيلحق بها جراء تهجير المهاجرين الذين استضافهم الشعب الباكستاني الشقيق لعقود، عليها أن توقف هذا السلوك القاسي وأن تتعامل بلطف؛ لأن أفغانستان قد أصبحت بالفعل شعلة الأمل لأبنائها العائدين.
ومن خلال هذه الجهود العميقة والمنظمة والشاملة من إمارة أفغانستان الإسلامية، يظهر أن هذا الوطن أضحى مستعدا تمامًا لاستقبال أبنائه المهاجرين، هذه القافلة التي تمر من رحلة المعاناة في ديار الهجرة التي ضاقت بهم، إلا أن هذه المرة وجهة هؤلاء العائدين هي الوطن تحت ظل نظام إسلامي مستقل وكريم الذي يفي بوعوده والتزاماته تجاه المهاجرين العائدين، ويستعد لاستقبالهم وإيوائهم وإعادة دمجهم في المجتمع الأفغاني، وهناك إيمان ويقين بأن هذه الرحلة الجديدة للمهاجرين الأفغان ستكون أساسًا للأمل، والوعي، والوحدة للأجيال القادمة في أفغانستان المسلمة الحرة المجاهدة.
دیدگاه بسته شده است.