اصمدي يا غزة الأبية الصامدة!

أكثر من ٣٩ ألف شهيد وأكثر من ٩٠ ألف جريح، وآلاف مفقود، كل ذلك أمام مرأى العالم ومسمعه. العالم يتفرج عليه وينظر إلى العدو وهو يواصل قصفه ليلا ونهارا، كأنه يشاهد مشهدا لا جمعا من البشر يُقتلون ظلما، ولا تحرّك هذه المجازر البشعة في أحدهم ساكنا.

 

أبو سهيل

 

لقد سطّرت غزة الصامدة الأبية أروع صفحات المجد والعزة، وألقتْ بأفلاذ أكبادها الخيرة لتنضال دفاعا عن أرضها وعرضها، وشرف الأمة الإسلامية جمعاء. إنها تمثل اليوم الأمة الإسلامية بأكملها، إنها تُعلي رأسها المنكس منذ سنوات عديدة. لقد أثبتت الغزة أن أبناءها المجاهدين الأبطال يقاومون حتى آخر قطرة من دمائهم الزكية الطاهرة الغالية عند الله، وأنهم عاهدوا الله على ذلك. منذ تسعة أشهر، والغزة في الحصار والجوع والعطش وتُحارَب برا وجوّا. منذ تسعة أشهر، والغزة تفقد خيرة أبنائها وبناتها. منذ تسعة أشهر، والغزة تقدّم أبرّ أبنائها القائدين المباسلين الشجعان. منذ تسعة أشهر، والغزة تحترق في جحيم الأمريكا وإسرائيل وسائر أعداء الله الألداء الذين لا يعرفون الإنسانية ولا توجد في قلوبهم ذرة من الرحمة والشفقة والحنان والعطف. الغزة رغم ذلك كله، تقاوم وتناضل وتجاهد، وتصمد. لقد خلق الله فيها جيلا لا يعرف الهزيمة، ولا يستسلم ولا يستكين ولا يلين للعدو مع خذلان القريب والبعيد، والقاصي والداني، ومع أن عدوهم من أشرس الأعداء وأنه يُمدّ بالأموال والأسلحة الفتاكة القاتلة.

أكثر من ٣٩ ألف شهيد وأكثر من ٩٠ ألف جريح، وآلاف مفقود، كل ذلك أمام مرأى العالم ومسمعه. العالم يتفرج عليه وينظر إلى العدو وهو يواصل قصفه ليلا ونهارا، كأنه يشاهد مشهدا لا جمعا من البشر يُقتلون ظلما، ولا تحرّك هذه المجازر البشعة في أحدهم ساكنا.

فأين حماستكم وأين غيرتكم وأين شجاعتكم يا أبناء خالد بن الوليد ويا أحفاد قعقعاع بن عمرو، وأين جرأتكم؛ فإن النساء تغتصب نهارا، وتقتل جهارا أمام أزواجهم وأبنائهم وبناتهم؟ فهل رأينا في تاريخنا أياما أسوأ من هذه الأيام التي لا يتحرك فينا ساكنٌ؟ فأين أمة الميليارين؟ وأين أصحاب الأموال والأسلحة والقدرات؟

دعوني أهيب بملياري مسلم في العالم: أيها المسلمون إن غزة تُبادُ! أيها المسلمون إن إخوانكم في فلسطين يعانون أكثر من سبعين عاما! أيها المسلمون إن أخواتكم في سجون الأعداء ومعتقلاته تحت التعذيب والقتل! أيها المسلمون إن إخوانكم يُشردون من بيوتهم وأراضيهم كل يوم. لم تبق لهم بيوتٌ ولا خيام، ولا أساس ولا طعام ولا شراب!

فأقول للصامدين في غزة العزّة والمرابطين في ساحات النضال، وكل من يحمل بندقية ليحمي عن عرض الأخوات والبنات في غرة:

لله درّكم يا أهلنا في غزة، وعلى الله أجركم. لقد نفختم في هذه الأمة، روح الجهاد والحماسة من جديد. لقد أتعبتم الأيام، وسطّرتم بدمائكم الزكية المهراقة أجمل صفحات في تأريخ أمتنا الإسلامية. يا أهلنا في ربوع فلسطين، يا أيها المرابطون في غزة، يا مَن أحييتم الإنسانية، وأيقظتم الراقدين، ويا مَن أرجعتم للإمة الإسلامية عزّها وشرفها. يا من لقنتم الصابرين درسا في الصبر على الشدائد والمكاره. يا من أقضضتم مضجع العدو الجبان الذي لا يجرؤ إلا على قتل النساء والأطفال والعزل من الشباب والشيوخ، ولا يرى في ذلك أي سبة وعار. فهل يوجد عار أكبر من هذا في التاريخ؟ يا أهلنا في غزة لا تملوا فإن قادتكم ليسوا ممن يسكنون القصور ولا العمارات الشامخة في باريس و…، إنهم معكم. إنهم اختاروا هذا الطريق المشرق والدرب المنير، فها هو إسماعيل هنية الشهيد بإذن الله، قُتل في هذا الدرب ومن قبله اسشتهد القادة والسادة والكبار. لا يهولنكم مكر الماكرين فالله معكم والشرفاء من هذه الأمة الكبيرة معكم. سيروا على نهجكم واسلكوا دربكم.