الإنجازات والتحديات في السياسة الخارجية لحكومة إمارة أفغانستان الإسلامية عام 2024

بقلم: د. محمدحسین سعید، أکادیمي أفغاني وأستاذ جامعي   شهد عام 2024 مجموعة من التطورات المتعلقة بالسياسة الخارجية لإمارة أفغانستان الإسلامية، مثل: إعادة فتح السفارات، وتعيين قناصل جدد في عدة سفارات أفغانية بدول مختلفة، وإغلاق بعض السفارات الأفغانية في دول أخرى.   خلال العام المنصرم، قدم ما لا يقل عن ثلاثة سفراء لحکومة إمارة أفغانستان […]

بقلم: د. محمدحسین سعید، أکادیمي أفغاني وأستاذ جامعي

 

شهد عام 2024 مجموعة من التطورات المتعلقة بالسياسة الخارجية لإمارة أفغانستان الإسلامية، مثل: إعادة فتح السفارات، وتعيين قناصل جدد في عدة سفارات أفغانية بدول مختلفة، وإغلاق بعض السفارات الأفغانية في دول أخرى.

 

خلال العام المنصرم، قدم ما لا يقل عن ثلاثة سفراء لحکومة إمارة أفغانستان الإسلامية أوراق اعتمادهم رسميًا لمسؤولي دول مثل الصين و أوزبكستان والإمارات العربية المتحدة. حيث قدم بلال كريمي أوراق اعتماده إلى رئيس جمهورية الصين الشعبية في 11 أغسطس، وعبدالغفار بحر قدم أوراق اعتماده لوزير خارجية أوزبكستان في 10 أكتوبر، بينما قدم بدر الدين حقاني أوراق اعتماده لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة في 28 نوفمبر.

 

ومن الإنجازات الأخرى؛ إعادة افتتاح سفارة المملكة العربية السعودية في كابول مؤخرًا، وتعيين دبلوماسيين من كازاخستان والهند وعُمان. ومع هذه التطورات، أن عدد البعثات الدبلوماسية النشطة للإمارة الإسلامية في الخارج وصل إلى أكثر من 40 بعثة دبلوماسیة، بينما بلغ عدد البعثات الدبلوماسية للدول الأجنبية في كابول نحو 20 بعثة.

 

وفي هذا السیاق، صرح حمد الله فطرت، نائب المتحدث باسم الإمارة الإسلامية: “حققت إمارة أفغانستان الإسلامية إنجازات مهمة في المجالات السياسية والدبلوماسية، حيث أقامت علاقات على مستوى عالٍ مع الصين، والإمارات العربية المتحدة، وأذربيجان، وتركمانستان، وأوزبكستان، وكازاخستان، وروسيا، وعدد من دول المنطقة الأخرى”.

من ناحیة أخری، أعلنت وزارة الخارجية الأفغانیة في 30 يوليو 2024 ، أن الخدمات القنصلية للبعثات الدبلوماسية الأفغانية في 13 دولة أوروبية، بما في ذلك لندن وبلجيكا والسويد والنرويج وسويسرا والنمسا وإيطاليا واليونان وفرنسا وبولندا وكندا وأستراليا ومدينتي بون وبرلين في ألمانيا، أصبحت غير معترف بها بسبب عدم التعاون مع الحكومة الأفغانية المؤقتة. كما أُعلنت عن إغلاق القنصلية الأفغانية في ميونيخ والسفارات في هولندا وإسبانيا وبلغاريا وجمهورية التشيك.

 

من جهة أخرى، أعلنت وزارة الخارجية النرويجية، في 6 ديسمبر، عن تقليص علاقاتها مع الحكومة الأفغانیة المؤقتة بسبب ما وصفته بانتهاكات حقوق الإنسان في أفغانستان. وردًا على ذلك، أعربت وزارة الخارجية الأفغانیة، عن استياء الإمارة الإسلامية من هذا القرار، قائلة: “تعبّر وزارة خارجية إمارة أفغانستان الإسلامية عن استيائها من قرار الحكومة النرويجية تقليص علاقاتها الدبلوماسية، ونأمل أن لا يتم ربط مثل هذه القرارات بالشؤون الداخلية للدول”.

 

رغم ذلك، كانت كل من إيطاليا ونيكاراغوا من بين الدول التي عينت سفراء غير مقيمين لأفغانستان خلال عام 2024، حيث عيّنت نيكاراغوا مايكل كامبل، بينما عينت إيطاليا سابرينا أوغوليني.

ونتیجة لجهود الخارجیة الأفغانیة، في 5 ديسمبر 2024، كانت قيرغيزستان ثاني دولة، بعد كازاخستان، تزيل اسم (حرکة طالبان) الإمارة الإسلامية من قائمتها المحظورة، وهي خطوة من المتوقّع أن تتبعها روسيا قريبًا.

 

 

خلال عام 2024، عُقدت العديد من الاجتماعات الدولية المتعلقة بأفغانستان، كما قام مسؤولوا الإمارة الإسلامية بزيارات لدول مختلفة. كان على رأس هذه الزيارات؛ رئيس الوزراء، ونوابه الإداريين والسياسيين والاقتصاديين، ومسؤولي وزارات الداخلية والدفاع والخارجية والتعليم والتعليم العالي، وغيرهم.

 

في المقابل، شهدت أفغانستان زيارات مسؤولين دوليين بارزين، مثل: رئيس وزراء أوزبكستان، والمبعوث الخاص لمنظمة التعاون الإسلامي، ونائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السلمية، والأمين العام لمجلس الأمن الروسي. حیث زار وفد برئاسة سيرجي شويغو، أمين مجلس الأمن القومي الروسي، العاصمة الأفغانیة في 25 نوفمبر، والتقى بعدد من كبار أعضاء حكومة الإمارة الإسلامية.

 

في هذه الزیارة، أعلن سيرجي شويغو أن روسيا مستعدة لتنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية في أفغانستان، خصوصاً في مجالات السكك الحديدية والنقل والصناعة والزراعة والطاقة والمعادن. كما أشار إلى أن التقدم السياسي والأمني في أفغانستان قد جذب اهتمام المستثمرين الروس للاستثمار في هذا البلد.

وقد تم هذا الاجتماع في إطار العلاقات الدبلوماسية الوثيقة بين الإمارة الإسلامية وروسيا، ومن المتوقع أن يسهم في تعزيز هذه العلاقات بشكل أكبر.

 

وفي زيارة إلى أفغانستان، صرح جان بيير لاكروا، نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السلمية، قائلًا: “حاليًا، أقوم بزيارة مختلف القطاعات التي تقدم الخدمات الإنسانية، وألتقي بشركائنا للعمل على تحسين الجهود المبذولة لنزع الألغام هنا، وهذا هو سبب وجودي”.

 

 

 

وفي 5 يونيو، رفعت الأمم المتحدة مؤقتًا حظر السفر المفروض على أربعة مسؤولين من الإمارة الإسلامية. ومع ذلك، قرر مجلس الأمن الدولي في 13 ديسمبر تمديد مهمة لجنة مراقبة العقوبات على مسؤولي الإمارة لمدة 14 شهرًا إضافية.

 

وذكر أندريس مونتالفو سوسا، رئيس لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة، أن اللجنة أصدرت في عام 2024 ما مجموعه 24 تصريحًا للسفر وتمديد إعفاء واحد لأعضاء في حكومة الإمارة الإسلامية المدرجين في القائمة السوداء، لزيارة ثماني دول.

 

 

 

من بين الاجتماعات المهمة التي عُقدت في عام 2024 دون مشاركة ممثلي الحكومة المؤقتة، كان الاجتماع الثالث والعشرون لمنظمة شنغهاي للتعاون، والاجتماع السادس عشر لزعماء مجموعة بريكس، واجتماع وزراء خارجية دول منظمة التعاون الاقتصادي (إيكو)، واجتماع مجموعة الاتصال الإقليمية في طهران.

في المقابل، شهدت بعض الاجتماعات مشاركة الحكومة المؤقتة، مثل اجتماع منظمة التعاون الإسلامي في غامبيا، والاجتماع الثالث للمبعوثين الخاصين للدول بشأن أفغانستان في الدوحة، والاجتماع التشاوري السادس لصيغة موسكو.

 

بالإضافة إلى ذلك، عُقدت خمس جلسات لمجلس الأمن، والاجتماعين الثاني والثالث للمبعوثين الخاصين للدول بشأن أفغانستان، واجتماعان آخران تحت اسم “المبادرة الإقليمية” بحضور ممثلي 11 دولة في كابول وطهران. وكانت هذه الاجتماعات جزءًا من تقييم مستقل للوضع في أفغانستان من قبل منسق خاص للأمم المتحدة.

 

وفي 28 نوفمبر، عقدت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان (يوناما) أول اجتماع لمجموعة العمل الخاصة بمكافحة المخدرات، بناءً على توصيات التقييم المستقل لعام 2023.

 

في الوقت نفسه، أعربت حكومة الإمارة الإسلامية عن أملها بشأن تعزيز العلاقات الدبلوماسية في عام 2025، حیث صرح ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم إمارة أفغانستان الإسلامية، عن أمله في أن تزيد التفاعلات الرسمية والدبلوماسية لحكومة تصريف الأعمال مع الدول في عام 2025. وبحسب مجاهد، فقد اتخذت حکومة الإمارة الإسلامية خطوات مفيدة في العام الماضي من أجل الاعتراف والتفاعل مع الدول المختلفة، وهو ما أدى إلى نتائج إيجابية.

 

وقال المتحدث باسم الإمارة الإسلامية في هذا السياق: “في عام 2025، وبالنظر إلى الجهود التي تبذلها الإمارة الإسلامية، نحن نأمل أن تنضم المزيد من الدول إلى هذا المسار وأن تتمكن أفغانستان من إقامة علاقات دبلوماسية مع هذه الدول، ونرى إشارات لهذه التطورات، وقد تم التنبؤ بها أيضًا”.

 

أما شروط المجتمع الدولي للاعتراف بالإمارة الإسلامية مثل إنشاء حكومة شاملة، واحترام حقوق الإنسان، وخاصة حقوق المرأة والسماح للنساء بالتعلیم والعمل، وعدم استخدام أراضي أفغانستان ضد دول أخرى، تعتبر من التحدیات الکبری أمام الحکومة الأفغانیة في انضمامها إلی الحاضنة الدولية والاعتراف بها. بینما تؤکد حکومة إمارة أفغانستان الإسلامية علی أن مثل هذه القضايا قد حققتها بالفعل، أو أنها تعتبر من قضایا أفغانستان الداخلیة والتي لا تسمح لأي أحد التدخل فيها.

 

من ناحية أخرى، يُعتبر رفع أسماء مسؤولي الإمارة الإسلامية من القائمة السوداء، وتحرير الأموال المجمدة للدولة، والاعتراف بحكومة تصريف الأعمال كطلبات أساسیة من قبل حکومة الإمارة الإسلامية للمجتمع الدولي، وهي عراقیل حساسة أمام تقدم الحکومة الأفغانیة في تعزیز علاقاتها الخارجیة والسیاسية.