الافتتاحية العدد 224: 3 أعوام على النصر المبين

ولكننا لا ننسى ونحن نحتفل بذكرى النصر الباهر؛ صنّاع المجد الحقيقيين الذين جادوا بالأرواح الطاهرة وبالدماء الزكية؛ لتقام دولة الإسلام على أرض أفغانستان ويُحكّم فيها شرع الله ويعلو ويسود.

فسلامٌ على أرواحهم الطيبة ما تعاقب الليل والنهار، وسلامٌ على أميرينا الراحلين؛ الملا محمد عمر مجاهد والملا اختر محمد منصور -رحمهما الله- كلما أذّن مؤذن للفلاح أو كبّر.

 

لم يدُر بخلَد أحد أنّ يوم الرابع والعشرين من شهر “أسد”، سيكونُ يوماً مختلفاً عن سائر الأيام؛ إذ حملت شمسهُ مع خيوط أشعتها بشرى التحرير لهذه البلاد، وانتصار أبنائها الأباة وطرد الدخلاء الغُزاة، بعد عقدين من الكفاح والجهاد والصبر والتضحيات. لقد اعتاد أبناء هذه الأرض الأبيّة -طوال العشرين عاماً- على أن يكون جهاد المحتلين من روتينهم اليومي المعتاد؛ يأكلون ويشربون ويصلّون ويجاهدون، حتى أجبروه -أخيراً- على أن يطلق ساقيه للريح هارباً فارّاً مذعوراً مما رآه من بأسهم وشجاعتهم وبسالتهم.

وهانحن اليوم -بفضل الله- نحتفل بالذكرى الثالثة لتحرير بلادنا وإقامة النظام الإسلامي فيها، من قلب قاعدة باغرام؛ القاعدة التي اتخذها الاحتلال، يوماً، منطلقاً لقصف أبناء شعبنا ومداهمتهم واعتقالهم وتعذيبهم. ولكنّ أعيننا اليوم تقرّ وتكتحل بالاحتفال بذكرى النصر المبين، من قلب هذه القاعدة، وبحضور عدد من قادة إمارة أفغانستان الإسلامية الذين ألقوا كلماتهم القيّمة وإرشاداتهم الثمينة.

خلال هذه السنوات الثلاث من تحرير البلاد وتولي إمارة أفغانستان الإسلامية مقاليد الحكم فيها؛ سعت حكومة الإمارة -ولا تزال- إلى تطبيب جراح أفغانستان المثخنة بحروب عمرها 40 سنة؛ من خلال المُضي قُدُماً في تحقيق إنجازات نفيسة في مجالات مختلفة، نلخّصها في النقاط التالية:

 

■ بسط الأمن وإشاعة السلام والأمان في سائر مناطق البلاد بشكل لم تنعم به أفغانستان من قبل. والقضاء على عصابات الإجرام والسلب والنهب، من خلال تطبيق نظام عادل حازم يحفظ حق المواطن، وينزجر به ويرتدع الجاني.

 

■ القضاء على زراعة المخدرات -بعد أن كانت راجت وتفشّت في البلاد خلال عهد الاحتلال- وإيداع الآلاف من المدمنين المراكز الصحية لعلاج الإدمان، وإعادة تأهيلهم للإنخراط في المجتمع؛ من خلال توفير الدورات التعليمية والمهنية لهم.

 

■ القضاء على الفساد الإداري وتطهير مفاصل الدولة منه، بعد أن كان الفساد مستشرياً في أركان الحكومة إبان الاحتلال الأمريكي؛ إذ كانت أفغانستان آنذاك تحتل المرتبة الثانية كأشد الدول فساداً على مستوى العالم!

 

■ إنجاز مشاريع مختلفة لتطوير وإعادة إعمار البنية التحتية في البلاد، نذكر منها -على سبيل المثال لا الحصر-:

إنشاء أنفاق وشبكة طرق سريعة جديدة تربط بين مختلف ولايات البلاد أو إعادة إعمار التالف منها، مثل طريق كابل-قندهار، وكابل-لوجر، قندوز-تخار، ونفق سالنج، وغيرها.

وإيلاء مشاريع الموارد المائية المستدامة والطاقة المتولّدة منها اهتماماً خاصاً يتجلى في وضع خطط لبناء 500 سد من السدود الصغيرة في مختلف مناطق البلاد، وبناء سدود كبيرة مثل سد (كمال خان)، وسد (شاه وعروس)، وسد (باشدان)، وإنشاء قنوات مائية؛ كمشروع قناة (قوشتبه) والذي سيكون مصدراً لري كثير من الأراضي شمال البلاد.

 

■ السياسة الحكيمة التي تتبناها الإمارة الإسلامية في الداخل والخارج؛ أما الداخل فقائمة على الدفع بالحسنى وتجنيب البلاد الفوضى والصراعات الداخلية، من خلال إصدار قرار أمير المؤمنين للعفو العام عن كل من شارك في القتال إبان الاحتلال، وتشكيل الإدارة المسؤولة عن التواصل مع الشخصيات الأفغانية المخالفة في الخارج.

وأما السياسة الخارجية فقائمة على التعاون الإيجابي والتفاعل البناء وفق المصالح المشتركة؛ الأمر الذي دفع بعدد من الدول إلى إعادة التواصل مع الإمارة الإسلامية من خلال قنوات التمثيل الدبلوماسي على الصعيد الرسمي.

 

يضيق علينا في هذه العجالة أن نلخص (كل) ما أنجزته حكومة الإمارة الإسلامية خلال الأعوام الثلاثة المنصرمة من حكمها؛ وهي فترة قصيرة جداً بالنظر إلى التركة الموروثة من المشاكل في شتى المجالات خلال عقود من الحروب والصراعات والقلاقل.

ولكننا لا ننسى ونحن نحتفل بذكرى النصر الباهر؛ صنّاع المجد الحقيقيين الذين جادوا بالأرواح الطاهرة وبالدماء الزكية؛ لتقام دولة الإسلام على أرض أفغانستان ويُحكّم فيها شرع الله ويعلو ويسود.

فسلامٌ على أرواحهم الطيبة ما تعاقب الليل والنهار، وسلامٌ على أميرينا الراحلين؛ الملا محمد عمر مجاهد والملا اختر محمد منصور -رحمهما الله- كلما أذّن مؤذن للفلاح أو كبّر.