‏الليلة الأخيرة للاحتلال الأمريكي!

لقد استطاع الأفغان بإيمانهم وعزمهم المتين وإرادتهم القوية بفضل الله، كسر شوكة أمريكا والناتو، وأصبحت جبال أفغانستان ووديانها وصحاريها وأنهارها مقبرة للغزاة المحتلين وجيوشهم المستكبرة.

 

 

قبل ثلاث سنوات، في مثل هذه اليوم، انقشع ظلام الاحتلال، وبزغ فجر النصر في أفغانستان. ومع رحيل آخر جندي أمريكي، قامت الإمارة الإسلامية من جديد في جميع أنحاء البلاد.

 

في مثل هذا اليوم، أشرقت صفحات التاريخ بانتهاء احتلال قادته ‎الولايات_المتحدة الأمريكية، أعظم قوة عرفها التاريخ بمشاركة حلف شمال الأطلسي(الناتو) والذي دام عشرين عاما.

 

إن الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية والغربية المحتلة من الأراضي الأفغانية جاء في الوقت الذي كانت تخطط فيه ‎#أمريكا للبقاء بشكل دائم ولفترة زمنية طويلة في أفغانستان، وقد وقعت عدة اتفاقيات أمنية مع السلطات العميلة هنا إلا أن تقدم المجاهدين بعثر أوراقهم، وأفشل مخططاتهم المشؤومة.

 

وعلى مدى عشرين عاما، اضطهد هذا الاحتلال شعبنا المظلوم، وألحق بهم الأذى، ودمر قراهم ومساجدهم وحواضرهم ومستشفياتهم ومراكز تعليمهم ومحافل الفرح ومآتم العزاء.

 

فأمريكا، التي غزت أفغانستان بغطرسة وعنجهية، جربت كل أنواع العدوان والقوة والوحشية على هذه الأرض ترغب في إخضاع هذا الشعب، وكسر شوكته وإرادته والنيل منه إلا أن جميع محاولته باءت بالفشل، وخرجت في النهاية خائبة ذليلة حقيرة منهزمة.

 

ففي بداية الغزو، اعتقدت أمريكا أنها عن طريق استخدام الضغط والقوة، ستتمكن من كسر إرادة الشعب الأفغاني، ولهذا الغرض دمرت قرى الأفغان وبيوتهم ومساكنهم، وقتلت الآلاف، وأودعت شيوخهم وشبابهم في سجون باغرام وغوانتنامو، وأنزلت عليهم صنوفا من العذاب والوحشية حتى ارتقى بعضهم في السجن تحت التعذيب.

 

هؤلاء الغزاة، الذين اعتبروا أنفسهم قوى عظمى، اختبروا كافة أنواع الأسلحة الحديثة والمتطورة ضد الشعب الأفغاني المضطهد، وبعد كل أنواع الضغط والقمع، استخدم الأمريكيون أم القنابل هنا.

 

لقد مارس المحتلون الظلم والقمع، لكنهم لم ينتصروا، ومع مرور الوقت، تعرضت كل سياساتهم واستراتيجياتهم وجهودهم للفشل والهزيمة. وكل الأجندات العسكرية التابعة لهم أفشلها الله بقوته ونصرته على يد أبطال هذا الشعب المجاهد، ولله الحمد والمنة.

 

لقد استطاع الأفغان بإيمانهم وعزمهم المتين وإرادتهم القوية بفضل الله، كسر شوكة أمريكا والناتو، وأصبحت جبال أفغانستان ووديانها وصحاريها وأنهارها مقبرة للغزاة المحتلين وجيوشهم المستكبرة.

 

لقد قتل آلاف الأمريكيين والبريطانيين والفرنسيين والكنديين وغيرهم من المحتلين، وأصيب الآلاف منهم فيما تعرض الآلاف لإعاقات حرمتهم من الاستمتاع بملذات الحياة ونعيمها للأبد، ولله الحمد.

 

لقد تكبدت هذه القوى المحتلة خسائر ضخمة خلال حرب خاسرة ظنت أنها ستضمن مصالحها، وستنفذ من خلالها أجنداتها الخبيثة، وعندما أدرك الغزاة أنهم لا يرون في الأفق أي بريق للنجاج والانتصار بعد محاولات ومؤامرات يائسة، اختاروا طريق المفاوضات مع الإمارة الإسلامية.

 

بدأت أمريكا ومعها عملاؤها الغربيون، مفاوضات مع قادة الإمارة الإسلامية في ‎الدوحة عاصمة دولة ‎قطر ، وكانت هذه المفاوضات بمثابة قبول الأمريكيين بهزيمتهم واعترافا بفشلهم أمام ضربات المجاهدين، وانتصار المجاهدين على قواتهم في أفغانستان، لكن أمريكا حاولت بخبثها ومكرها إطالة أمد الحرب وإضافة الوقت وتكييد المؤامرات من خلال الخداع والكذب خلال هذه المفاوضات بغية إخضاع المجاهدين الأفغان لقبول مطالبها كما يفعل ربيبهم بنيامين نتنياهو في غزة، وأن تكون نتائج المفاوضات لصالح أمريكا وحلفائها وعملائها، لكن سياسة الكفر تفشل أمام سياسة الإسلام المباركة دوما، ولذا وقعت أمريكا في الفخ الذي نصبته للإمارة رغم أن الولايات المتحدة علقت المفاوضات مرات عديدة من خلال تقديم شروط غير معقولة، كما ألغى ترامب هذه المفاوضات مرة في بداية حكومته، وعمدت الإدارة الأمريكية آنذاك إلى ممارسة الضغط العسكري الفاشل، لكن المجاهدين الأفغان بفضل الله ثم ببسالتهم وشجاعتهم استطاعوا إفشال هذه الكرة أيضا، وواجهوا الدبابات الأمريكية وطائراتها بصدورهم العارية ودمائهم وجماجمهم.

 

وعندما رأى الأمريكيون وحلفاؤهم هذه الروح الإسلامية والقتالية العالية للشعب الأفغاني المجاهد ضدهم، فركضوا عائدين مرة أخرى إلى طاولة المفاوضات، واستطاع الأفغان جر أمريكا المتغطرسة إلى طاولة المفاوضات مجددا، ومرغوا أنفها في تراب أفغانستان حتى رضخت لمطالب الشعب الأفغاني، ووقعت معه اتفاقية الدوحة الشهيرة.

 

لقد قال المفاوض الأمريكي زلماي خليلزاد ردا على سؤال أحد الإعلاميين، إن أمريكا لم تعد قادرة على البقاء في أفغانستان، ووفقا له فإن أمريكا وصلت إلى طريق مسدود في هذا البلد.

 

كما أن ترامب الذي ألغى المفاوضات والذي استخدم كافة أنواع الضغط أثناء حكومته، اعترف مرة أمام الإعلام أن المقاتلين الأفغان لا يُقهرون. هذه التصريحات تدل على أن فظائع الأمريكيين وحلفائهم لم تردع الشعب الأفغاني المجاهد عن شغفه الجهادي، وأخرج هذا الشعب أمريكا من بلاده مهزومة مدحورة.

 

إن النضال المقدس الذي خاضه الأبطال الأفغان قد أسقط كبرياء الغزاة، كما أن هذا النضال أحيا روح الجهاد والانتصار لدى عامة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وبعث الأمل لديهم من جديد، ونقول لإخواننا في غزة أن اصبروا وصابروا ورابطوا، فالنصر حليفكم بإذن الله، وإنما النصر صبر ساعة.

 

إن هذا الجهاد الذي استمر عشرين عاما أفشل أهداف الغزاة، وغسل مخيلتهم المسمومة بماء الإصرار النقي، لقد كشف هذا الكفاح الجهادي أن عزيمة هذا الشعب وإرادتها لن تنكسرا بالقوة والمؤامرات والدسائس.

 

إن شباب وشيوخ ورجال هذا الشعب يثبتون على الدرب، ويواصلون الخطى نحن مستقبل إسلامي بحت كما أن الجيل المستقبلي سيسير على خطى أجدادهم وآباءهم، وسيُفشلون كل مؤامرة أو دسيسة يكيدها الأعداء ضد هذا البلد بإذن الله.

 

وعلى الدول التي لا تزال لديها فكرة التدخل أو العدوان على أفغانستان أن تفكر مليا وتتعلم من التاريخ وعبره، وسيتصدى كل مسلم على ثرى أفغانستان لأي احتلال أو عدوان إن شاء الله مدافعا عن أرضه وعرضه ودينه.

 

والإمارة الإسلامية تعمل على تعزيز قدراتها العسكرية وتطوير جيوشها وأجهزتها مما يعكس إرادتها المتينة للدفاع عن البلاد ورعيتها، وأنها لن تسمح لأي نوع من الاعتداء على أراضيها.

 

إن الإمارة الإسلامية التي استطاعت بفضل الله هزيمة القوى العظمى(الناتو) بإمكانيات شحيحة، أصحبت الآن أقوى وأكثر تجهيزا وتدريبا من ذي قبل ولله الحمد، وستواجه كل معتدٍ بإيمان راسخ وعقيدة قوية، وستكون عاقبة المحتلين الأمريكيين وقبلهم الروس والإنجليز عبرة للآخرين.