اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
سوريا بدأت رحلتها من ظلمات الحروب والاستبداد نحو النور، وهناك آمال بأن هذه الوحدة ستساهم في تعزيز خطوات نحو السلام، وستغير حياة الناس نحو مزيد من التقدم.
دخلت سوريا أو بلاد الشام بعد سنوات طويلة من الحروب، والصراعات، والمعاناة المستمرة، والتضحيات والمقاومة ضد الظلم مرحلة جديدة. إن سقوط نظام بشار الأسد وانتصار الثورة السورية هو نتيجة نضال طويل للشعب السوري وفصائله الثائرة ضد الظلم والقمع الذي تعرض له طيلة العقود الماضية، ولاشك أن هذا النضال كان من أجل نيل الحرية وإعادة الكرامة للشعب السوري المضطهد وتحقيق العدالة وإنصاف المظلوم.
إن الاجتماع تحت راية واحدة للجماعات الجهادية بقيادة “هيئة تحرير الشام” قد مهد الطريق لحدوث تغيير جذري في سوريا، وأدى إلى خلق آمال جديدة لمستقبل هذا البلد كما بعث الأمل لدى الشعب السوري الذي عانى طويلا طيلة هذه الفترة.
يعتبر شعب سوريا أن بداية هذا الانتصار تمثل بداية عهد جديد من الكرامة والتقدم والازدهار لهم ولبلادهم، والمناطق التي كانت تحت حكم الظلم والوحشية لسنوات عديدة، باتت اليوم على أعتاب حياة جديدة تحت ظل العدالة والحرية، ولأول مرة أشرقت شمس دمشق دون الأسد وزمرته الفاسدة وطغمته الظالمة التي أذاقت الشعب السوري الويلات. كأن الشعب السوري مُنح حياة جديدة، وهذه الحياة أصبحت أكثر إشراقًا بعد نهاية فترة الظلم وحقبة القمع والعذاب، وذلك بفضل الله عز وجل ثم ببركة صمودهم الأسطوري وتضحياتهم الطويلة.
بعد الانتصار وهروب بشار الأسد إلى روسيا، وعد قائد “هيئة تحرير الشام” أحمد الشرع المعروف سابقًا بأبي محمد الجولاني الشعب بالعمل على إعادة البناء وإقامة العدالة والحفاظ على مؤسسات الدولة، وقال إن هذا الانتصار يعد بداية النصر الجهادي، وشدد على أن مرحلة بناء الدولة، وتعزيز الاقتصاد وتطوير الأوضاع السياسية والاجتماعية قد بدأت وحان موعد إعادة بناء سوريا. وأكد الجولاني الذي بدا كرجل دولة مسؤول من خلال خطاباته وتصريحاته، في خطاب النصر أنه يهدف إلى إنشاء نظام يحفظ حقوق الناس ويضمن تحقيق العدالة وينصف المظلومين.
وتعكس هذه التصريحات التزام فصائل المعارضة السورية بحماية حقوق الشعب وتحقيق رغباته والاستجابة لمطالبه، وتُظهر أن الهدف لم يكن فقط إسقاط النظام، بل كان يشمل أيضًا حماية الشعب من الظلم والاستبداد والقمع ومن ثمّ البدء بإعادة إعمار البلد وبناء الدولة وفق توجيهات الشريعة الإسلامية الغراء التي بذل لأجل إقامتها الشهداء مهجهم وأرواحهم، وأن تسير هذه الدولة وفق رغبات الشعب السوري المسلم وطموحاته.
بعد انهيار النظام الاستبدادي لبشار الأسد، دخلت سوريا مرحلة جديدة طالما انتظرها الشعب السوري منذ نحو ستة عقود، فما أجمل أذان النصر في الجامع الأموي في دمشق بسورية بعد كل هذه السنوات، وما أحلى زغاريد وألحان النصر حيث تُسمع في جميع أنحاء سوريا، وما أحسن مشاهد تلك الجباه التي تخر ساجدة لله عز وجل تشكر ربها على هذه النعمة العظيمة.
إن أصوات التكبيرات من مساجد دمشق وبقية مدن وقلاع الشام تعكس فرحة الشعب العارمة، وتُظهر الروح العالية التي كانت تطمح للتغيير وتتطلع لمستقبل مشرق، وهذه اللحظات تحمل في طياتها رسالة كبيرة للحرية والاستقلال والازدهار.
إن نظام بشار قتل آلاف الأبرياء، وارتكب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، ومارس هذا النظام القمعي كثيرا من المجازر بحق الشعب السوري الذي ثار على ظلم هذا النظام وطالب بحقوقه المشروعة.
وقد لعبت الجماعات الجهادية والفصائل الثورية بقيادة “هيئة تحرير الشام” دورًا مهمًا وبارزا في سوريا لتخليص الشعب من هذا النظام وقمعه وظلمه الذي طال الجميع، ولا تزال تلعب هذا الدور حتى اليوم، وشمرت عن ساعد الجد لبناء دولة آمنة تحت راية النظام الإسلامي من أجل رفاهية الشعب السوري وتحقيق مطالبه ورغباته.
مع هذا الانتصار الكبير، نشأ شعور بتحقيق الوحدة بين كافة أطياف الشعب السوري، الذي عانى لعقود جراء موجة الفقر والاستبداد، وأصبح لديه الآن آمال كبيرة لمستقبله من أي وقت مضى.
الاحتفالات بالنصر في أوساط الشعب السوري تؤكد أن سوريا قد بدأت رحلة جديدة نحو حياة أفضل، وتبدي تطلعات هذا الشعب لحياة آمنة ومستقرة تحت راية الشريعة والحرية.
على المستويين السياسي والاقتصادي، فإن تأثيرات هذا الانتصار عميقة على مستوى المنطقة، سوريا الآن لديها الفرصة والقدرة على لعب دور بارز في إعادة تشكيل السياسة الإقليمية.
كما أن مشاريع إعادة البناء وخطط التنمية الاقتصادية تمثل علامات واضحة على حياة جديدة لهذا البلد المنكوب، كما أن تحقيق العدالة الاجتماعية، تشمل الوعود بتطوير الأنظمة التعليمية والصحية، وهي خطوات ستُحسن حياة الناس بشكل كبير.
إذا حافظت فصائل الثورة السورية على الوحدة، ونبذت التشرذم والتفرق والاختلاف، فسيمكنها بناء سوريا آمنة ومستقرة ومزدهرة.
بعد الانتصار على نظام بشار الأسد، الذي طالما ظلم الشعب السوري ودمّر بلاده، تبرز أمام الشعب السوري فرصة تاريخية لبناء مستقبل أفضل، إلا أن هذا المستقبل لا يمكن أن يتحقق إلا إذا حافظ السوريون على وحدتهم، فالوحدة الوطنية هي الأساس الذي يمكن أن يمهد الطريق نحو الازدهار والتقدم، وإذا ضاع هذا الأساس بالانقسام والصراع الداخلي، فإن الثمار التي اقتطفها الشعب السوري من ثورته ستضيع في مهب الريح.
إن تفرق الشعب السوري واختلافه في هذه اللحظة الحساسة قد يكون له عواقب كارثية، فالفوضى والانقسام سيؤديان إلى تدمير ما تم تحقيقه خلال سنوات طويلة من النضال ضد نظام القمع والاستبداد، لذلك، يجب على الشعب السوري أن يتوحد حول هدف واحد، وهو بناء دولة إسلامية حديثة وعادلة تحقق لهم الأمن والاستقرار وتلبي طموحاتهم في الحرية والكرامة وتحقق آمال الشهداء.
كما يجب أن يتنبه الشعب السوري إلى أن طريق البناء والتنمية لا يمكن أن يكون معتمدًا على القوى الخارجية، فالدول الكبرى، مثل أمريكا و روسيا، التي كانت تلعب دورًا شيطانيًا في النزاع السوري، لن تسمح للشعب السوري بأن يمضي قدما في بناء دولته الحرة المستقلة، هذه القوى لديها مصالحها الخاصة ولن تدعم بشكل جاد تطلعات السوريين نحو استقلالهم الكامل.
إن العالم الغربي والدول الاستعمارية لن تحترم إرادة الشعب السوري إذا لم يكن الأخير قادرًا على الدفاع عن حقوقه وبناء مستقبله بيده من خلال الحفاظ على الوحدة ومكتساب الثورة، لقد أثبتت التجارب التاريخية أن القوى الكبرى غالبًا ما تعمل على استخدام الشعوب لتحقيق مصالحها، دون النظر إلى تطلعات هذه الشعوب أو احترام حقوقها في تقرير مصيرها.
ومن هذا المنطلق، يجب على الشعب السوري أن يشمر عن ساعده ويستعد للعمل الجاد لبناء بلده من الداخل، بعيدًا عن الاعتماد على الخارج، فالمستقبل يبنى بأيدينا، ولا يمكن أن ننتظر من أحد أن يمنحنا حريتنا أو يوفر لنا الاستقرار، فهذا العالم اكتفى بالتفرج دون التحرك، وشاهد جميع مجازر بشار دون أن يوقف مجزرة أو يحرر أسيرا! فيجب أن يكون السوريون هم القوة المحركة لهذا التغيير، وأن يعملوا معًا لتحقيق التنمية الشاملة في جميع المجالات، من السياسة إلى الاقتصاد، ومن التعليم إلى الصحة.
إن الحفاظ على مكتسبات الثورة يتطلب إصرارًا على الوحدة والعمل الجاد، وأن تبقى الشريعة الإسلامية والأهداف الوطنية فوق أي مصالح حزبية أو شخصية، ومن خلال التكاتف والتعاون يمكن لسوريا أن تستعيد مكانتها، وتعود إلى المسار الصحيح نحو الازدهار والتقدم.
المرحلة المقبلة هي مرحلة بناء، وإذا كان الشعب السوري قادرًا على تجاوز الخلافات الداخلية والاتفاق على رؤية مشتركة، فإن المستقبل سيكون مشرقًا، والبلد سيشهد تحولًا حقيقيًا نحو دولة قوية ومستقلة.
دیدگاه بسته شده است.