اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
ولا شك أن الأعمال العدائية والاستفزازية التي يواصلها الجيش الباكستاني ستقوض الثقة بين الطرفين، وستعرقل جهود تحسين العلاقات وتطبيعها كما أن خضوع الحكومة المدنية في باكستان لسطوة الجيش الباكستاني الذي بدوره يخضع لضغوط الولايات المتحدة التي تمارس الضغط على الحكومة الأفغانية، سيظل محركا رئيسيا للتوترات في هذه المنطقة.
منذ قيام الإمارة الإسلامية وتحرير البلاد من دنس الاحتلال الأمريكي، تواصل الحكومة الباكستانية استفزاز أفغانستان من خلال أعمالها العدائية التي لا تكاد تتوقف منذ 3 سنوات بالإضافة إلى ادعاءات غير صحيحة وتصريحات غير مسؤولة يدلي بها مسؤولون باكستانيّون بين فينة وأخرى.
فتارة نسمع السلطات الباكستانية تحمل نظيرتها الأفغانية، مسؤوليةَ إخفاقاتها الأمنية داخل أراضيها، وتارة نسمعها تدعي وجود أفراد من حركة طالبان باكستان وقياداتها، داخل الأراضي الأفغانية، وتارة تغلق معابرها الرئيسية مع كابل أمام الشاحنات التي تحمل الأموال التجارية من وإلى أفغانستان.
وقد ساءت العلاقات بين البلدين بعد الإطاحة برئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، وكانت الحكومة الباكستانية المؤقتة -بقيادة أنور كاكر- التي دعمها الجيش الباكستاني قد عمدت إلى طرد المهاجرين الأفغان قسرا في عز الشتاء مما أدى إلى تفاقم الوضع المعيشي في أفغانستان إلا أن الحكومة الأفغانية استطاعت التغلب على الأزمة من خلال تنفيذ استراتيجية منظمة لاحتواء الأزمة واستضافة المهاجرين وتسجيلهم وتثبيت هوياتهم وتقديم المساعدات لهم وتوفير مأوى ومسكن لمن لا يتوفر لديهم ذلك.
استخدمت باكستان -بوصاية أمريكية- كل أوراق الضغط ضد الإمارة الإسلامية إلا أنها لم تربح أي ورقة في هذا الإطار وظلت خاسرة في جميع أوراقها، وتواجه باكستان حاليا تحديات كبيرة منها الاقتصادية والأمنية والسياسية، أما اقتصاديا؛ فهي غارقة حتى النهاية في الديون الخارجية، وهي شبه عاجزة عن أدائها، ويوميا تزداد هذه الديون التي تثقل كاهل المواطن الباكستاني.
وأمنيا تشهد باكستان أحداثا دامية منذ ما يقارب عقدين من الزمان، وفشلت المنظومة الأمنية الباكستانية بما فيها الجيش وجهاز المخابرات في التعامل مع هذه الأحداث، ولم تتمكن من احتواء الأزمة الأمنية التي تشهدها عموم باكستان.
والحكومة الباكستانية تتبجح ولا تريد حل القضايا العالقة بين الطرفين رغم تأكيد الحكومة الأفغانية على ضرورة الحل السلمي، والتوجه إلى طريق الحوار والسلم بدل اللجوء إلى القوة والضغط.
وخلال الآونة الأخيرة اشتدت وتيرة الأحداث الأمنية والقتال بين حركة طالبان الباكستانية والأجهزة الأمنية الباكستانية، ومع اشتداد القتال وارتفاع معدل الحوادث الأمنية هناك، هرع مسؤولون باكستانيون إلى الإدلاء بتصريحات مثيرة للجدل بشأن أفغانستان، وبث الدعاية الكاذبة ضد الإمارة الإسلامية، ولا شك أن الهدف وراء هذه الدعاية هو التكتم على الفشل الذريع الذي تواجهه السلطات الباكستانية خلال هذه الفترة، ومحاولة لإخفاء الأزمات الداخلية التي تتعرض لها باكستان، وصرف انتباه الناس عن مشاكل الشعب الباكستاني الأصلية.
وكانت السلطات الباكستانية اعترضت على مشروع إنشاء ثكنات عسكرية ونقاط تفتيش داخل الأراضي الأفغانية من قِبل الجيش الإسلامي الأفغاني قرب السياج الفاصل على امتداد خط ديوراند الافتراضي-وهو خط رسمه الاستعمار البريطاني لتقسيم قبائل البشتون الذين يعيشون على طرفيْ هذا الخط، ولا تعترف به أفغانستان، وتقول إن ترسيم هذا الخط هضم حقوقها، وسلب أراضيها- وليست هذه المرة الأولى التي تقدم فيها باكستان على هكذا الأعمال الاستفزازية، بل أطلقت النيران مرات عديدة على قوات أفغانية أرادت تثبيت النقاط، وإنشاء مقار عسكرية على امتداد هذا الخط مما أدى إلى توتر العلاقات بين البلدين وسقوط الضحايا في الاشتباكات التي حصلت على إثرها.
وباكستان نفسها التي تعترض على إنشاء نقاط عسكرية من قِبل أفغانستان، قد أنشأت سياجا فاصلا على امتداد هذا الخط رغم مطالبة أفغانستان لها بالامتناع عن وضع السياج على هذا الخط مؤكدة أن السياح الفاصل يعطل المصالح المشتركة للقبائل التي تعيش على طرفي الخط، ويعرقل حركة العبور التجارية والمرور.
والمشكلة التي تسببت فيها المناطق المتنازع عليها المحاذية لطرفي خط ديوراند الافتراضي، أثرت على سياسة كابل وإسلام آباد على مر العقود، كما أن الملف الأفغاني يُدار في أروقة الحكم الباكستاني من قبل الجيش الباكستاني وليست السلطات المدنية في هذا البلد، لذلك يلقي التوتر بظلاله على العلاقات الثنائية بين البلدين دوما.
وبسبب فشله الذريع، يحاول الجيش الباكستاني الذي يحكم باكستان توريط أفغانستان، التي تتمتع بالأمن والاستقرار بعد عقود من الحروب والصراعات، في قضايا باكستان الداخلية التي لا ترجع المسؤولية فيها أبدا إلى أفغانستان، ويسعى هذا الجيش من وراء ذلك إلى تقديم صورة غير واقعية وخاطئة عن الوضع في بلاد الأفغان إلا أن كثيرا من دول العالم توصلت إلى حقيقة مفادها أن جذور زعزعة استقرار العالم وتهديد أمنه ليست في أفغانستان بل هي موجودة في داخل باكستان.
وأفغانستان -التي تحكمها الإمارة الإسلامية التي تتمتع بالاستقلالية والحرية الكاملة في قراراتها بعيدة عن الإرادة الأمريكية والغربية، وقد استطاعت بفضل الله دحر الاحتلال الأمريكي وحلفائه- تشدد دوما على أهمية تطبيع العلاقات بين أفغانستان وباكستان لتحقيق مصالح الشعبين الشقيقين المسلمَين، ودعت الحكومةَ الباكستانية مرارا إلى إعادة النظر في مواقفها تجاه أفغانستان، وأن تهتم بالتجارة وتسهيل الحركة بين البلدين، بدل خلق المشاكل وتأزيم الوضع وتعقيده أكثر فأكثر، كما أكدت الإمارة عدة مرات أنها تريد إقامة علاقات جيدة مع إسلام آباد في المجالين الاقتصادي والدبلوماسي.
دیدگاه بسته شده است.