اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
لقد مرت أفغانستان بمراحل صعبة من الحروب والصراعات والنزاعات خلال العقود الخمسة الماضية، وتحملت كافة أشكال الأزمات والكوارث على ثراها خلال هذه الفترة، وهاهي الأرض تستعيد عافيتها وكرامتها وحريتها، وقد أصبحت تحت قيادة مسلمة مستقلة واحدة تحكمها حكومة مركزية من شرقها إلى غربها وشمال وجنوبها، وتعيش الدولة بكاملها تحت راية الإسلام والجهاد والاستقلال إلا […]
لقد مرت أفغانستان بمراحل صعبة من الحروب والصراعات والنزاعات خلال العقود الخمسة الماضية، وتحملت كافة أشكال الأزمات والكوارث على ثراها خلال هذه الفترة، وهاهي الأرض تستعيد عافيتها وكرامتها وحريتها، وقد أصبحت تحت قيادة مسلمة مستقلة واحدة تحكمها حكومة مركزية من شرقها إلى غربها وشمال وجنوبها، وتعيش الدولة بكاملها تحت راية الإسلام والجهاد والاستقلال إلا أن عددا من الأجهزة والكيانات الاستخباراتية تريد النيل من هذا الشعب ونظامها المبارك بشتى الوسائل والطرق، وإحدى هذه الوسائل دعم وتعبئة وتجهيز مقاتلي تنظيم داعش الإجرامي.
ولا تزال الدول الغربية ومعها بعض الدول المجاورة للإمارة الإسلامية تدلي بتصريحات مثيرة للجدل بشأن الوضع الأمني الحالي في أفغانستان فكل واحد يدلي بدلوه في هذا الشأن بما يتماشى مع مصالحه ومخططاته ودسائسه ليضمن بذلك منافعه في البلد الذي خرج حديثا من مستنقع الحروب المدمرة التي امتدت لنحو خمسة عقود فأكثر من الصراعات والثورات والانقلابات.
لقد بسط داعش سيطرته على بعض المناطق الأفغانية أثناء وجود الاحتلال الأمريكي وبدعمٍ وتواطئ منه، ونشر بذور الخوف والرعب والذُعر بين الأهالي والعشائر في أفغانستان لا سيما في المناطق الشرقية وبالأخص في ولايتي كونر وننجرهار، وبعد تحرير البلاد من دنس الاحتلال وعملائه، شمرت الإمارة الإسلامية عن ساعد الجد لتخليص الشعب الأفغاني من جرثومة داعش التي عانى منها سنوات، واستطاعت بفضل الله بعد عمل دؤوب وجهود متواصلة استئصال جذور داعش في البلاد وإنهاء وجوده وقتل وأسر قادته ومعظم عناصره فيما فر الباقون إلى الأراضي الباكستانية.
ولطالما اتهمت السلطات الباكستانية جارتها أفغانستان باحتضان جماعات مسلحة، ولكن المثل العربي الشهير “رمتني بدائها وانسلت” ينطبق تمامًا على هذه المزاعم، حيث تنشط الجماعات المتطرفة، وعلى رأسها تنظيم داعش، داخل الأراضي الباكستانية بشكل واضح.
ومنذ استعادة الإمارة الإسلامية للحكم في أفغانستان، وجهت باكستان اتهامات مستمرة لكابل باستضافة معسكرات “الإرهابيين”، لكن الوقائع على الأرض تشير إلى العكس تمامًا، فتنظيم داعش لم يعد يمتلك مركزية قوية في أفغانستان، وقد اضطر عناصره إلى الفرار إلى باكستان بعد الحملات الأمنية الواسعة التي شنتها الحكومة الأفغانية ملاحقة فلوله والقضاء عليها.
اعتراف ترامب الأخير يكشف الحقائق؛
لقد فضح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الحكومة الباكستانية عندما كشف أن المخابرات الأمريكية قدمت إحداثيات دقيقة للسلطات الباكستانية حول موقع قيادي داعشي يُزعم أنه العقل المدبر لهجوم مطار كابل أثناء الانسحاب الأمريكي، وهو الهجوم الذي أسفر عن مقتل 170 مواطنًا أفغانيًا و13 جنديًا أمريكيًا، وهذا التصريح يثير تساؤلات عميقة حول مدى تغاضي الأجهزة الأمنية الباكستانية عن أنشطة داعش داخل أراضيها.
باكستان ملاذ آمن لداعش؛
بعد العمليات الأمنية التي شنتها الإمارة الإسلامية ضد داعش، لجأ معظم عناصر التنظيم وقادتها إلى الأراضي الباكستانية، حيث أقاموا معسكرات ومقرات للتجنيد والتدريب، وحسب معلومات استخباراتية أفغانية، فإن معظم قادة داعش ومن بينهم زعيم عصابتهم المارقة لولاية “خراسان” المدعو شهاب المهاجر، يوجدون حاليًا في إقليم بلوشستان ومناطق أخرى داخل باكستان، دون أن يواجهوا أي تهديد او اعتراض من الجيش أو الأجهزة الأمنية الباكستانية، بل إن العديد من الهجمات التي استهدفت مدنيين في أفغانستان تم التخطيط لها داخل باكستان.
وقد أكد المتحدث باسم الحكومة الأفغانية، السيد ذبيح الله مجاهد، أن اعتقال المشتبه به في هجوم مطار كابل داخل باكستان يثبت أن التنظيم فقد وجوده ومركزيته في أفغانستان، وأن أنشطته تتركز الآن داخل باكستان.
تضخيم إعلامي وحسابات سياسية؛
أما عن شخصية محمد شريف، الذي تدّعي واشنطن وإسلام آباد أنه العقل المدبر لهجوم مطار كابل، فقد كشفت مصادر لموقع “المرصاد” الأفغاني أنه ليس كما يُروج له، فشريف كان أحد المعتقلين الدواعش الذين أطلقت الولايات المتحدة سراحهم أثناء انسحابها من أفغانستان، وبعد أن بدأت الإمارة الإسلامية عملياتها العسكرية ضد التنظيم، فر إلى باكستان، حيث أعاد تنظيم صفوفه.
يرى محللون أن ترامب يضخم قضية محمد شريف لأسباب سياسية داخلية، حيث يسعى لكسب تأييد وود الأمريكيين عبر تصوير نفسه على أنه قادر على حماية أرواح الجنود الأمريكيين، إلا أن تقرير “المرصاد” ينسف هذه الرواية تمامًا.
باكستان وسجلها في بيع المعتقلين؛
لم تكن هذه المرة الأولى التي تتلاعب فيها السلطات الباكستانية بملف “الإرهاب” لتحقيق مكاسب سياسية ومالية، فمنذ عام 2001، دأبت إسلام آباد على تسليم أفراد إلى الولايات المتحدة بزعم انتمائهم لتنظيمات مسلحة، حتى لو لم تكن لديهم أي صلة بها، ومن أشهر هذه الحالات العالمة الباكستانية عافية صديقي، التي بيعت للمخابرات الأمريكية، وما زالت تقبع في السجون الأمريكية منذ أكثر من عقدين.
أما بالنسبة للعقل المدبر الحقيقي لهجوم مطار كابل، فقد توصلت الحكومة الأفغانية إلى معلومات مؤكدة تفيد بأن الداعشيين عبد الله كابلي ودكتور حسين، اللذين قُتلا في عمليات أمنية للقوات الأفغانية خلال أبريل 2023، هما المسؤولان الفعليان عن هذا الهجوم، بل إن البيت الأبيض نفسه أعلن آنذاك أن هذين الشخصين كانا العقل المدبر للهجوم.
تكشف هذه المعطيات أن باكستان، التي طالما اتهمت أفغانستان بإيواء الجماعات المسلحة، أصبحت اليوم مركزًا رئيسيًا لأنشطة داعش، ومن هناك تنطلق معظم هجمات داعش التي تزعزع استقرار أفغانستان الحالي وتهدد أمن المنطقة برمتها، كما أن تضليل الإعلام والرأي العام عبر اتهامات زائفة لم يعد ينطلي على أحد، خاصة مع الأدلة المتزايدة على تواطؤ بعض الجهات الباكستانية في دعم أو التستر على أنشطةالتنظيمات المتطرفة داخل حدودها.
دیدگاه بسته شده است.