‏باكستان وطاجكستان، ونشاط تنظيم داعش في أفغانستان

    لا يخلو أي اجتماع حكومي داخل ‎باكستان و ‎طاجكستان من توجيه اتهامات لأفغانستان تتعلق بأمور من شأنها أن تزعزع الاستقرار في البلدين على حسب تعبير سلطاتهما، وتصريحات تنذر باقتراب استهداف الأراضي الباكستانية والطاجيكة انطلاقا من أرض الأفغان كما أن رئيس طاجكستان إمام علي رحمانوف المحارب لجميع مظاهر الإسلام هناك والعميل المزدوج لأمريكا وروسيا […]

 

 

لا يخلو أي اجتماع حكومي داخل ‎باكستان و ‎طاجكستان من توجيه اتهامات لأفغانستان تتعلق بأمور من شأنها أن تزعزع الاستقرار في البلدين على حسب تعبير سلطاتهما، وتصريحات تنذر باقتراب استهداف الأراضي الباكستانية والطاجيكة انطلاقا من أرض الأفغان كما أن رئيس طاجكستان إمام علي رحمانوف المحارب لجميع مظاهر الإسلام هناك والعميل المزدوج لأمريكا وروسيا لا يكف أبدا عن مهاجمة الإمارة الإسلامية منذ تحرير البلاد من دنس الاحتلال الأمريكي في 2021، ودوما ينال منها في كلماته وتصريحاته وأن خطرا وشيكا قادما من أفغانستان قد يستهدف طاجكستان ودول المنطقة في القريب العاجل، فهكذا يشوه سمعة الإمارة الإسلامية وأفغانستان على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وكذلك يفعل نظراؤه الباكستانيون منذ سقوط حكومة عمران خان في باكستان.

 

أمس، أعلنت الحكومة الأفغانية القبض على خلية تتبع داعش مؤكدة أن الخلية ضالعة في عدد من القضايا الأمنية منها الأحداث الأخيرة في ولايتي كابل وباميان بأفغانستان، وكان المتحدث باسم الحكومة الأفغانية السيد ذبيح الله مجاهد قد قال إن المهاجم الانتحاري الذي أودى بحياة عشرات الأبرياء في هجوم مروع وسط مدينة ⁧‎#كابول⁩ قبل شهر، جاء إلى أفغانستان من معسكر داعش المتواجد بمنطقة ⁧مستونك⁩ التابعة لبلوشستان محافظة ⁧باكستان⁩، مشيرا إلى أن هذه المنطقة باتت وكرًا رئيسيا لخوارج داعش، الذين تحافظ عليهم حكومة باكستان وتدعمهم.

وفي السياق، أضاف المتحدث أن مواطنا طاجيكيا متورطا في هجمات عدة داخل أفغانستان قد اعتُقل، وكان بحوزته سترة ناسفة وكان يخطط لتنفيذ هجوم انتحاري داخل أفغانستان.

 

ويُشار إلى أن الإمارة الإسلامية سبق أن صرحت بأن الهجمات التي تقع في أفغانستان يُخطط لها خارج البلاد. ومع ذلك، فإن غالبية المعتقلين في هذه الهجمات هم من مواطني باكستان وطاجيكستان وإنهما تدعمان داعش بكل ما تحتاج إليه داعش من المال والسلاح. كما أن هذه المعلومات تيسرت للإمارة الإسلامية بعد أن ألقت القوات الخاصة للإمارة الإسلامية القبض على خلية من إرهابيي داعش المتورطين في الهجمات السابقة داخل أفغانستان، حيث أقروا بتورطهم بالهجمات، ولدى الحكومة الأفغانية شواهد وأدلة تثبت كل ذلك حسبما أفاد المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد.

 

“رمتني بدائها وانسلت” ينطبق هذا المثل العربي الشهير على الحكومات في باكستان وطاجكستان إذ ترميان بجريرتهما الآخرين وتوردان التهم جزافا تلك التي هما أحق بها وتلصقانها بغيرهما، فقد نشرت عدة جهات تقارير تثبت تورط البلدين في دعم وتعبئة ‎#داعش كما أن عشرات المواطنين الباكستانيين والطاجيك قد اعتُقلوا من قِبل الأجهزة الأمنية الأفغانية، وكانوا قد تورطوا في أعمال إجرامية لصالح داعش في حق المواطنين الأفغان.

 

ولاشك أن أعداء الإسلام لا سيما أولئك الذين في الغرب، لا يرضون بأن تُرفرف راية الإسلام عالية خفاقة، وأن تكون الحاكمية للشريعة ويُقام حكم الإسلام على بقاع الأرض؛ لذلك يسارعون إلى إسقاطه بكل الوسائل المتوفرة لديهم إما بطريقة مباشرة كما فعلوها خلال عشرين سنة من الاحتلال حيث استخدموا القوة وكافة الأسلحة الثقيلة والخفيفة لكنهم خابوا وخسروا في النهاية وطُردوا من البلاد، وإما عبر وكلائهم في المنطقة، وبعدما منّ الله على الشعب الأفغاني بالنصر والغلبة، وأنعم عليهم بالحرية والفتح وهزيمة المحتلين وإنهاء الاستبداد والطغيان لم يتحمل الأعداء هذه الحالة، وسارعوا بعد الفرار من أفغانستان إلى محاولات أخرى لتغيير الوضع الحالي، ومن هؤلاء الذين آلمهم الوضع الراهن في أفغانستان عدد من الحكومات في دول جوار أفغانستان والمنطقة وعلى الوجه الأخص طاجكستان التي اتخذت موقفا معاديا منذ عقود من جميع مظاهر وشعائر الإسلام على ثراها، كما اتخذت الموقف نفسها من الحكومة الجديدة في أفغانستان دون مراعاة أي أصول ومعايير تجاه الجيران والدول، ولا تنفك هذه الدولة عن محاربة الحكومة الأفغانية بشتى الوسائل منها دعم جبهة المقاومة”البغاة”، وعلى خطاها تسير السلطات الباكستانية.

 

وهذه الحكومات تتحدث دوما خلال المؤتمرات والاجتماعات وعلى لسان مسؤوليهما في المجالس المحلية والإقليمية والدولية بأن أخطارا وشيكة قد تحدث للمنطقة ودولها منطلقة من الأراضي الأفغانية لكننا إذا تعمقنا النظر في القضية نجد أن الخطر الحقيقي الذي يحدق بالمنطقة برمتها بما فيها أفغانستان يأتي من تلك الدول التي توفر المقرات والدعم السخي لتنظيم داعش وجبهة المقاومة المعارضة للحكومة الأفغانية الحالية، وهذا الدعم أضحى مكشوفا للجميع وعلانية لكل جهة مناوئة للشعب الأفغاني وحكومته التي تشكلت نتيجة جهاده وصموده الأسطوري أمام المحتل الأمريكي وحلفائه وأعوانه من دول المنطقة، فالحضور المكثف للشباب الباكستانيين والطاجيك في صفوف داعش، وقدوم معظم هؤلاء من معسكرات تقع داخل مناطق سيطرة تلك البلدين يثبتان تورطها في زعزعة أمن واستقرار أفغانستان وشعبها.

 

وليس ببعيد أن تقع باكستان وطاجكستان في الفخ الذي نصبتاه لأفغانستان وأهلها، وأن تقعا في الحفرة التي حفرتاه لهذا الشعب المظلوم الذي عانى طويلا جراء الحروب والصراعات، وتقديم العون لجبهة البغاة ومجري وسفاكي داعش الزج بشبابهما ومراهقيها إلى مستنقعات الحرب سيعود وبالا على كلا البلدين؛ فمن حفر الحفرة لغيره وقع فيه، وبدل أن تتخلص باكستان وطاجكستان من شبابهما الملتزم وبعض المغفلين بهذه الطريقة وتتركهم يقتنصهم داعش ثم يودي بهم إلى المهالك بغية الحصول على شيء من مصالحها، على كلا الدولتين أن تدركا مسؤوليتهما تجاه شعوبهما وأمنهما ثم إدراك المسؤولية تجاه الجيران، ولا بد لهما أن تدركا أن تنفيذ مثل هذه الأجندات لصالح القوى الاستعمارية، والتودد إليها لإرضائها على حساب حياة الآخرين وأمنهم لن يجنبهما نيران الحروب وسينال المتورطون نصيبهم من هذه الحرب.

 

يترتب على الحكومات في باكستان وطاجكستان أن تحل مشاكلهما الداخلية بدل التدخل في شؤون الآخرين، وأن تلبيا لدعوات الشعبين الباكستاني والطاجيكي المشروعة، وأن تدركا مسؤولياتهما تجاه أمن شعوبهم وبلدانهم بدل إلحاق الضرر بالآخرين.

 

إن الحكومة الأفغانية قد أدت مسؤولياتها بأحسن وجه، وأمّنت حدودها مع جميع البلدان المجاورة، ولم تسمح لأحد باستهداف أراضي جيرانها رغم أنها عانت من داعش الذي ينتمي معظم أفراده في أفغانستان إلى طاجكستان وباكستان، ويأتون من معسكرات تقع في تلك البلدان، فالإمارة الإسلامية بذلك أثبتت أنها تريد حسن الجوار والتعامل الإيجابي إلا أن تصرفات حكومتي باكستان وطاجكستان إزاء أفغانستان، وتشويه سمعة الإمارة الإسلامية، وإلصاق تهم وإثارة قضايا وبث الدعاية ضدها، ودعم معارضيها ومخالفيها، كل ذلك أدى إلى توتر العلاقات بين الجانبين، كما أن دعم باكستان وطاجكستان لتنظيم داعش ومن على غراره شكل خطرا حقيقيا على أمن تلك الدول ومنها أفغانستان ولا بد لدول المنطقة والعالم أن تطالب الحكومات الباكستانية والطاجيكية بالكف عن تنفيذ أجندات تهدد ا

ستقرار الدول وأمنها.