ترجل فارسٌ مجيد من فرسان الإسلام

  فقدت الأمة الإسلامية نجما ساطعا من نجومها، نجما كان يتلألأ في سماء الجهاد والعزة والشرافة. فقدت الأمة الإسلامية واحدا من خيرة أبطالها وقادتها، الذي قهر العدو الجبان الصهيوني، وجابهه وجها لوجه طيلة سنة كاملة في الآثار والأطلال وبقايا البيوت المدمرة. فقدت الأمة الإسلامية سدا منيعا من سدود غزة الأبية الشامخة، الذي كان يناضل لأجل […]

 

فقدت الأمة الإسلامية نجما ساطعا من نجومها، نجما كان يتلألأ في سماء الجهاد والعزة والشرافة. فقدت الأمة الإسلامية واحدا من خيرة أبطالها وقادتها، الذي قهر العدو الجبان الصهيوني، وجابهه وجها لوجه طيلة سنة كاملة في الآثار والأطلال وبقايا البيوت المدمرة. فقدت الأمة الإسلامية سدا منيعا من سدود غزة الأبية الشامخة، الذي كان يناضل لأجل حرية شعبه وخلاص وطنه من أيد المحتل الغاشم.

ترجل الفارس الأبي، والمجاهد الكمي، ترجل البطل المغوار، والقائد المهدار، المسمى بحيى السنوار.

 

يحيى السنوار الذي كان يهابه المنايا ولا يهاب المنية. المجاهد الذي حمل السلاح، وولج ساح الجهاد كأسد الشرى. يحيى السنوار العبقري الذي خطط لطوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، أكبر طوفان منذ نشأة إسرائيل حيث قُتل فيه أكثر من ١٢٠٠ عجلا صهيونيا، وأسر منهم عشرات. يحيى السنوار ذلك المجاهد المحنّك الذي مرّغ فيه أنوف المستكبرين والجبابرة، ولقن الباغين المعتدين درسا لن يسنوه مادامت السموات والأرض قائمتين.

عانى السنوار في سبيل الدفاع عن وطنه وعرضه وشرفه أشد المعاناة وتجشم المرارات والمصائب. لم يعط الدنيئة، ولم يرض بالذل يوما من الأيام. ولد في مخيم اللاجئين، وترترع في بيئة خانقة.

طوال حياته سُجن، وطُرد، وعُذب وحُكم عليه بأحكام مؤبدة، ولكن كل مرة يعود أقوى من سابقه وأشد بأسا وشكيمة على العدو الجبان المحتل الذي لا يعرف سوى المكر والحيلة والخداع.

إن استشهاد السنوار الذي كان يحمل بندقية وجعبة ويقاتل العدو حتى آخر قطرة من دمه لَهو درسٌ عظيمٌ لكل حر أبيّ في هذا العالم. بدت يده وكأنها بترت، وجسمه مثخن بالجراح، والدماء تنزف منه بغزارة، ولكن لم يمنعه أن يلقي العصا التي بيده نحو الطائرة المسيرة التي ترصده. قام بهذا ليعلن أن المسلم لا يستسلم لعدو جبان ولن يركع له، وحتى ولو لم يكن فيه إلا الرمق الأخير. هكذا يموت الأبطال، ويحيون الأجيال من بعدهم. هكذا يصلون إلى طموحاتهم وآمالهم وأمنياتهم.

لم يترك يحيى الجهاد رغم خذلان القريب والبعيد، ورغم مطاردة العدو الصهيوني وحلفائه من الدول الطاغية المتكبرة على وجه هذه الأرض، دولٌ لا ترى حقا إلا لنفسها ولها الخيار -بزعمها- فيمن يقتل ومن يدع حيا. فتبيع الأسلحة الفتاكة المهلكة لإسرائيل ليقتل بها العزل، رأى السنوار كل هذا، ورأى شعبه يعاني ويُظلم ويُقهر.

هنيئا لك يا سنوار الشهادة، هنيئا لك الفوز في الدنيا والآخرة بإذن الله.

يا مُرغم أنوف الأعداء والجبابرة ويا كاسر شوكتهم طبت وطاب مقامك في الجنة إن شاء الله. يا من تفتخر بك الإمة الإسلامية -غير حثالات البشر الذين يفرحون بمقتلك- يا من أطرت النوم عن عيون الصهاينة الأنجاس، واليهود الأرجاس.