اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
في ظل الحصار الخانق والحروب المدمرة التي تتوالى على غزة جراء العدوان الصهيوني الوحشي، يظهر صوت المرأة الغزية كصرخة مدوية في وجه العالم، صرخة تطالب بالعدالة، بالكرامة، بالحياة. “وامعتصماه!”، هكذا كان النداء الذي أطلقته امرأة مسلمة في وجه المعتصم الخليفة العباسي، فكان الرد سريعاً، وكانت الجيش التي سارع لإنقاذها جيشًا عظيما عرمرما. أما اليوم، […]
في ظل الحصار الخانق والحروب المدمرة التي تتوالى على غزة جراء العدوان الصهيوني الوحشي، يظهر صوت المرأة الغزية كصرخة مدوية في وجه العالم، صرخة تطالب بالعدالة، بالكرامة، بالحياة.
“وامعتصماه!”، هكذا كان النداء الذي أطلقته امرأة مسلمة في وجه المعتصم الخليفة العباسي، فكان الرد سريعاً، وكانت الجيش التي سارع لإنقاذها جيشًا عظيما عرمرما.
أما اليوم، فبينما يشتد الحصار على قطاع غزة، يتردد النداء ذاته، ولكن لا مجيب!! نساء غزة يصرخن، و”وامعتصماه!” يتردد في آذاننا، لكن هل من أحد يسمع؟ هل من أحد يلتفت إلى معاناتهن ومظلوميتهن؟!
لله در المرأة الفلسطينية المسلمة؛ صمود رغم المحن
نساء غزة لم يكنّ أبداً مجرد ضحايا، بل كنّ دوماً رموزاً للصمود والمقاومة والثبات رغم الشدائد والمصائب والآلام والأوجاع، في كل لحظة من لحظات التاريخ الفلسطيني، كانت المرأة العنصر الأبرز الذي حمل عبء الحفاظ على الهوية الإسلامية والوطنية وصيانة القيم والنواميس والمقدسات.
من مربيات الأجيال إلى الطبيبات والمسعفات، من المعلمات إلى المجاهدات والمرابطات، كانت المرأة الفلسطينية هي روح المجتمع الغزي ورمز صموده وصبره.
لكن اليوم، تواجه النساء والحرائر العفيفات في غزة تحديات عظيمة غير مسبوقة، وتحت وطأة العدوان المستمر، يتعرضن للقتل والتهجير والتشريد، الأجساد تدمى، والأرواح تتفطر، والأطفال يُشردون من بين أحضان أمهاتهم.
ورغم كل ذلك، لا تزال المرأة الغزية تصمد وثبت وتصبر وتصابر وتقاوم، وتحاول البقاء على قيد الحياة، ليس فقط لأجلها، بل من أجل الأقصى والمقدسات وهذه الأرض الطاهرة لتربي أجيالا يذودون عن الحمى ويحرسون الأقصى.
صرخة “وامعتصماه” بين الماضي والحاضر؛
ففي الماضي، كانت صرخة “وامعتصماه!” هي رمز للنداء المستغيث الذي حرك الجيوش وحمل القادة على تقديم النجدة والنصرة والفداء، أما اليوم، فتحمل هذه الصرخة دلالة مريرة؛ استغاثة لم تلقِ صدى في العالم الإسلامي والعربي، ولا في العالم الغربي الذي يردد دوما شعارات القيم الإنسانية والعدالة وحماية المرأة وحقوقها.
غزة، التي تمثل القلب النابض لفلسطين والعالم الإسلامي، تُعاني من حصار مادي ومعنوي وعسكري غاشم ظالم، ونساءها يتعرضن للقتل والتدمير في صمت عالم غارق في سبات عميق ولا يبالي.
المرأة الفلسطينية المسلمة اليوم تصرخ “وامعتصماه!” أمام العجز الإسلامي والعربي، أمام القوى الدولية التي تُعطي الأولوية لمصالحها على حساب إنسانية البشر، هي صرخة تعكس واقعاً مريراً لنساء يعشن بين أنقاض البيوت، معاناتهن تتضاعف في ظل غياب الحماية، والمجتمع الدولي الذي انكشف نفاقه والذي يتجاهل آلامهن وأوجاعهن.
إلى المجتمعين في القمة الإسلامية-العربية الطارئة؛
“وامعتصماه!” تلك الكلمة التي انطلقت منذ قرون، عندما صرخت بها امرأة في وجه الظلم، صارخةً في وجه المعتصم العباسي، الذي هرع لنجدة المظلومين في زمن عز فيه الرجال، أما اليوم، فهل يسمع العالم صرخات نساء غزة؟ أم هل أصبحت كلمتهم مجرد شبح عابر في صحراء السكون الإسلامي والدولي؟ أين المدد؟ أين الجيوش التي ترفع راية العز والشرف؟ أين القادة الذين تعهدوا بحماية شعوبهم؟
يا قادة الدول الإسلامية والعربية في قمة عربية إسلامية في الرياض! اليوم، تصرخ نساء غزة، يطلبن المساعدة في لحظات الموت التي يعِشنها يومياً، فهل من معتصم يجيب؟!
الهمسات الإسلامية والعربية التي كانت في الماضي مصدر إلهام لأبطال الجهاد والمقاومة تحولت إلى صرخات استغاثة لا تجد من يهب لنجدتها، كل يوم تُقتل امرأة، تُشرد أم، وتُدمر طفلة، وكل يوم يمر، يبدو أن العيون مغلقة والأصوات مكتومة، والضمير ميت، والقادة والحكام ساكتون بل شركاء في الجريمة!
أين الجيوش الإسلامية والعربية وأسلحتهم وعتادتهم ورجالهم؟ أين أحفاد صلاح الدين والزنكي؟ أين أحفاد العثمانيين والترك؟ أين رجال المعارك وأسود الوغى وأبطال الميادين؟
هل هذا هو العالم الذي ينادوننا فيه؟ هل هذا هو العالم الذي تذرف فيه دماء النساء وتُداس فيه كرامات الأمهات ولا تتحرك لأجلهن جيوش وعساكر؟
المرأة الفلسطينية أسطورة من صلب المعاناة؛
لن تكون هناك صورة أصدق من تلك التي تقدمها لنا نساء غزة في كل لحظة من لحظات صراعهن، هُنَّ اللواتي واجهن كافة المعاناة منذ أن غُرزت خناجر الاحتلال في جسد فلسطين وغزة، هُنَّ اللواتي ارتوت أيديهن بدماء الشهداء وهم يصرخون: “إنها لن تموت، لن تُقتل، ولن تُستسلم!” هي الأم، هي الزوجة، هي الأخت، هي التي تدير حياة أسرتها في خضم الموت الذي يحاصرها.
تعيش المرأة في غزة تحت وقع القصف المستمر، وأزيز الرصاص وأصوال القنابل في كل لحظة. في الليل، تنام وهي لا تعرف إذا كانت ستستيقظ في الصباح أو إذا كانت ستفقد أحد أطفالها في الهجوم التالي، بين كل انفجار وآخر، بين كل صاروخ يمر فوق رؤوسهن، هناك نساء تحاولن تقديم الأمل لأطفالهن، وهناك أخريات يعملن على إسعاف الجرحى أو جلب الطعام من بين الأنقاض.
إن فقدان الأبناء، والأزواج، والأخوة في الحروب المتواصلة جعل من المرأة الغزية رمزاً حياً لمأساة لا تنتهي. لكن رغم كل هذا، تظل هي حائط الصد الأول في المجتمع، هي التي تحمل الأمل في قلبها وتزرع البذور في وجه الخراب، هي التي تحاول أن تقدم طعاماً لعائلة لا تعرف ماذا يحمل لها اليوم التالي، وهي التي تقاوم الجوع والمرض، وتواصل الصمود رغم كل التحديات.
العالم الساكت المشارك الذي تجاهل الصرخات وخذل؛
لقد أصبح العالم يرى غزة كفجوة سحيقة من المعاناة، ويرى النساء في غزة كضحايا، مع أنهن هن الأبطال الذين يقاومون كل أنواع القهر، وبينما تتراكم صرخاتهن، لا تجد من يجيب ولم تلامس صرخاتهن نخوة المعتصم!
تتناثر كلمات التضامن، وتُرفع الشعارات، لكنها لا تفي بالغرض ولا توقف عدوانا ولا تكبح جماح هذا العدو الوحشي الظالم الغاشم الآثم، و الأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان، والأنظمة العربية كلها، تقف في كثير من الأحيان مكتوفة الأيدي أمام دماء الضحايا تتفرج ولا تتحرك وتكتفي بالإدانة فقط.
ومع مرور الزمن، قد يظن البعض أن غزة قد أصبحت عادية، وأن تلك المعاناة المتكررة ليست إلا جزءاً من الصورة الدموية المستمرة، لكن الحقيقة أن هذه المعاناة لا تزال حية، والصرخة لا تزال تتردد: “وامعتصماه!” وكل يوم يمر دون أن يلتفت العالم لمأساتها، تكون تلك الصرخة قد ازدادت قوة، “وامعتصماه!” ليست مجرد كلمات، إنها صرخة امرأة فلسطينية تتمنى أن تسمعها ضمائر الأحرار في العالم.
من المسؤول؟
إن المعركة لا تقتصر على ساحة غزة وحدها وليس الهدف غزة فقط، بل هي معركة مصيرية للأمة الإسلامية جمعاء، كما أنها معركة ضمير وحرية، معركة تقودها نساء فلسطين ضد الظلم، وضد العنف والعدوان والوحشية، واليوم، نحن أمام اختبار تاريخي، هل سنظل مكتوفي الأيدي، نراقب بشماتة أو صمت؟ أم سنقف مع هؤلاء اللواتي لم يطلبن سوى أن تُحفظ كرامتهن وإيقاف عملية تطهير وإبادة؟
أليس التحرك لإنقاذهن ووقف العدوان الصهـ.ـيوني وكبح جماحه وإيقاف عملياته الإجرامية مسؤولية العالم الإسلامي والعربي؟ أليس مسؤولية الحكومات التي تتفرج على الدمار؟ أليس مسؤولية المجتمع الدولي الذي يراقب عن بُعد ويسكت عن كل هذه الجرائم بحق الأبرياء؟ أم أن الإجابة واحدة: إن غياب الفعل هو جريمة، والتقصير هو جريمة أكبر بل مشاركة في هذا العدوان الوحشي.
اليوم، لا يجب أن يبقى النداء مجرد صرخة لا يسمعها أحد، بل يجب أن يكون صوت النساء في غزة جزءاً من حركة ضغط دولية من أجل وقف العدوان، وإنهاء الحصار، وتقديم الدعم النفسي والمادي للمتضررين لا سيما في شمال القطاع الذي يُباد على مرأى ومسمع من العالم، ويجب أن نتذكر أن كل امرأة فلسطينية هي صرخة في وجه العالم، وصمودها هو صمود شعب بأسره.
أيها العالم الإسلامي: “وامعتصماه” ليست مجرد كلمة؛
الصرخة التي تنبع من عمق غزة، من قلب كل امرأة غزية وفلسطينية، هي دعوة للعالم الإسلامي كله للتحرك والانتفاضة والنجدة، “وامعتصماه” ليست مجرد كلمة، بل هي رمز لأمل لن ينقضِ، ونداء للعدالة لن يموت، لقد أثبتت نساء غزة مراراً وتكراراً أنهن أقوى من كل الظروف، وأن صوتهن لن يختفي أبداً.
إذا كان هنالك من سبيل للخلاص، فهو في أن نرفع جميعاً الصوت، وأن نستجيب لنداء المظلومات، لأن الظلم لا يدوم، وإذا كان هناك من أمل، فهو في الأيدي التي تتكاتف، وفي الضمائر التي تستيقظ وفي الجيوش التي تتحرك وفي الأسلحة التي تدافع عن العرض والمقدسات وأرض الإسلام.
دیدگاه بسته شده است.