حکایات مأساوية وراء طرد المهاجرين الأفغان من باكستان

وقد تُركت بعض العائلات في الطرقات دون معيل، وهي تعاني من نقص حاد في الغذاء والدواء والمأوى، وقد انتشرت مؤخرا تقارير من بلوشستان، وإقليمي السند والبنجاب، تفيد بأن أعداداً كبيرة من المهاجرين الأفغان تم اعتقالهم رغم امتلاكهم وثائق رسمية، وتم ترحيلهم قسراً إلى أفغانستان، ويقول هؤلاء المهاجرون إنهم اضطروا لترك سياراتهم ومحالهم ومنازلهم، وقد صادرت السلطات الباكستانية معظم ممتلكاتهم، وهناك أيضاً أدلة على أن الشرطة الباكستانية والمخابرات وفّرت غطاءً لنهب ممتلكات المهاجرين ومقارهم التجارية في بعض المناطق.

 

تواجه باكستان حالياً أزمة عميقة وحادة نتيجة مشاكلها السياسية والاقتصادية والأمنية، ويسعى المسؤولون في هذا البلد إلى توجيه أصابع الاتهام للآخرين بسبب فشل سياساتهم، وقد جعلوا من المهاجرين الأفغان المقيمين هناك منذ عقود هدفهم الأسهل. وهؤلاء المهاجرون الذين هاجر أغلبهم إلى باكستان هرباً من الحرب والفقر وعدم الاستقرار، أصبحوا الآن ضحايا للعنف والتهديد والتسلط.

 

وفي الآونة الأخيرة، أعلنت باكستان عن ترحيل قسري لمئات الآلاف من المهاجرين الأفغان، بمن فيهم من يحملون وثائق قانونية. وهؤلاء المهاجرون الذين عاشوا هناك لسنوات طويلة، زاولوا مهنا عديدة، ودفعوا الضرائب دون تأخير أو مخالفة، وأصبحوا جزءاً من المجتمع، يتلقون اليوم بشكل مفاجئ وصادم أوامر بالطرد الإجباري دون أي مبرر قانوني أو توضيح، وكثير من الأفغان يعيشون في خوف دائم، وبعضهم يُسحب من منازلهم في منتصف الليل ويُعتقلون.

 

وبحسب أدلة من وسائل التواصل الاجتماعي، فقد نهبت ممتلكات العديد من المهاجرين الأفغان، الشرطة الباكستانية تصادر وتنهب ممتلكات من يعودون إلى أفغانستان، حيث تُصادر منهم الأموال، والسيارات، والمقتنيات الثمينة من منازلهم. وقال بعض هؤلاء المهاجرين إنه يُطلب منهم دفع رشوة مقابل عدم ترحيلهم، وإن رفضوا، يتعرضون للضرب المبرح أو السجن.

 

ورغم أن منظمات حقوق الإنسان الدولية وجهت انتقادات حادة لهذا الوضع، إلا أن السلطات الباكستانية لا تزال تواصل سياساتها القمعية بلا مبالاة، وتشير الأدلة الحديثة إلى أن عدداً كبيراً من المهاجرين غيبوا خلف القضبان، وجرى ترحيل واعتقال النساء والأطفال وإخراجهم من منازلهم بشكل قسري وقاس.

 

وقد تُركت بعض العائلات في الطرقات دون معيل، وهي تعاني من نقص حاد في الغذاء والدواء والمأوى، وقد انتشرت مؤخرا تقارير من بلوشستان، وإقليمي السند والبنجاب، تفيد بأن أعداداً كبيرة من المهاجرين الأفغان تم اعتقالهم رغم امتلاكهم وثائق رسمية، وتم ترحيلهم قسراً إلى أفغانستان، ويقول هؤلاء المهاجرون إنهم اضطروا لترك سياراتهم ومحالهم ومنازلهم، وقد صادرت السلطات الباكستانية معظم ممتلكاتهم، وهناك أيضاً أدلة على أن الشرطة الباكستانية والمخابرات وفّرت غطاءً لنهب ممتلكات المهاجرين ومقارهم التجارية في بعض المناطق.

 

لا شك أن هذا الوضع يشكل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، وهو دليل واضح على فشل السياسات الباكستانية التي تسعى إلى تفريغ ضغوطها الداخلية على حساب الآخرين، والمهاجرون الأفغان الذين كانوا يعيشون هناك من خلال الكد والعمل الشريف، يواجهون الآن الظلم والقسوة، وهذا السلوك مع أنه يتنافى مع القيم الإسلامية والمعايير الدولية، سيزيد أيضا من غضب الأفغان تجاه الحكومة الباكستانية، وسيفاقم أزمة توتر العلاقات بين البلدين.

 

تحاول باكستان تحميل المهاجرين الأفغان مسؤولية مشاكلها الأمنية وإخفاقاتها السياسية، وتدّعي أن هناك أفراداً بين المهاجرين يشكلون تهديداً أمنياً، لكن الحقيقة هي أن باكستان نفسها ما تزال المركز الأساسي لتلك الشبكات الخبيثة التي تغذي عدم الاستقرار في المنطقة، واستخدام ورقة المهاجرين كذريعة ليس إلا وسيلة لتحميلهم ضغوطاً داخلية وانتقادات دولية وأعباء السياسات الفاشلة، ورغم أن هذه الأفعال تُبرر تحت مسمى حفظ الأمن، إلا أنها في الحقيقة جزء من أهداف باكستان الخفية، وحروبها بالوكالة، ودعمها للجماعات المتطرفة مثل ‎داعش وغيرها.

 

إن الإمارة الإسلامية استطاعت بفضل الله فرض الأمن الكامل في أفغانستان، وقضت على جماعات مثل داعش، وأزالت مراكز التهديد الرئيسية، وقد اتخذت إجراءات صارمة لضمان الاستقرار والأمن في البلاد والتصدي لأي تهديد إرهابي، لكن باكستان تريد من خلال طرد المهاجرين أن تخلق أجواءً تمكّن أذرعها الخفية وتوفر لها بيئة لزعزعة الاستقرار في المنطقة.

 

تنظيم داعش الخارجي، الذي يُعد تهديداً دولياً للمنطقة، يستغل دائماً مثل هذه الفوضى والفراغات الأمنية، وهناك مخاوف حقيقية من أن الطرد الجماعي القسري للمهاجرين الأفغان سيمهّد الطريق لتلك الشبكات الخبيثة التي لا تريد الاستقرار لأفغانستان والمنطقة بأسرها، ولهذا فإن الإمارة الإسلامية، وهي تستقبل شعبها، تظل حريصة في ذات الوقت على حفظ الأمن والنظام بشكل دقيق، ومواجهة المؤامرات التي تُدار من الخارج وإفشال مخططات ودسائس تمس بأمنها.

 

المهاجرون الأفغان الذين هربوا من الحرب والفقر وانعدام الأمن، باتوا اليوم يحترقون في نار مأساة أخرى، أولئك الذين عملوا لسنوات في كدّ وشقاء من أجل لقمة عيش حلال، يواجهون الآن الإهانة والغضب والتوظيف السياسي لقضيتهم.

 

إن هذه السياسة الظالمة والقاسية التي تنتهجها باكستان تُعد إهانة للكرامة الإنسانية، وتنتهك جميع مبادئ حسن الجوار، والإنسانية، والأخوة الإسلامية، لكن التاريخ يشهد أن الظلم لا يدوم، وسيأتي اليوم الذي سيمكن فيه صوت الحق من إسقاط هذا الظلم الفظيع، ويتحوّل ألم المهاجرين الأفغان إلى قصة فخر وكرامة في ربوع بلادهم وفي ظل نظام الإسلامي، وهذا الظلم سيبقى للأبد وصمة سوداء في تاريخ باكستان.