من أفغانستان إلى غزة؛ نداء إيماني يستنهض ضمير الأمة الإسلامية

إن الشعب الفلسطيني في غزة هو اختبار حي لضمير الأمة الإسلامية، فإذا أخفقت هذه الأمة في القيام بمسؤولياتها، فإن التاريخ سيذكرها بعار عظيم، ولكن هناك بارقة أمل تكمن في وحدة الصف الإسلامي، والتوافق بين الشعوب الإسلامية ويتطلب ذلك من الحكومات الإسلامية مواجهة الضغوط الغربية، وهو السبيل الوحيد الذي يفتح الطريق نحو تحرير فلسطين وتخليص شعب غزة المكلوم من وحشية الكيان الصهيوني والتواطؤ والتآمر الغربي.

شهدت أفغانستان خلال الأيام الأخيرة خروج عشرات الآلاف من المواطنين إلى الشوارع والميادين في مختلف أنحاء البلاد، من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، رافعين أصواتهم ضد المجازر التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة، هذه المظاهرات والوقفات الاحتجاجية والتجمّعات لم تكن مجرد احتجاجات عابرة، بل كانت تجسيداً لغيرتهم الإيمانية وإحياءً لمسؤولية إسلامية طالما غُيّبت أو نُسيت.

 

يأتي هذا الحراك الشعبي في ظل تجربة مريرة عاشها الشعب الأفغاني ذاته، الذي مرّ بأيام الاحتلال والقصف والدمار، ما جعله يتفاعل بقوة مع مأساة غزة، معتبرًا أن نسيان معاناة أي مظلوم في الأمة الإسلامية هو خيانة لقيم التضامن والإنسانية.

 

كانت أصوات المتظاهرين رداً صادقاً على صرخات الشهداء الفلسطينيين، وصدمة هزّت الضمائر النائمة، تدعو إلى اليقظة وتحمل المسؤولية. رفع المشاركون شعارات ولافتات أكدت أن الشعوب قادرة على كسر حاجز الصمت وإيصال رسالة دعم حقيقية لأهل غزة في ظل استمرار صمت حكام الأمة وخذلانهم لشعب غزة وفلسطين.

 

كما أن هذه الاحتجاجات حملت رسالة واضحة إلى الدول غير الإسلامية والمنظمات الدولية التي تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان، لكنها لم تتخذ موقفاً حاسماً تجاه ما يجري في غزة، وأوضحت أن الصمت أمام هذه المآسي لا يُعد فقط إخفاقاً أخلاقياً، بل وصمة عار ستلاحق من يتغاضى عن جرائم الإبادة ومشاركة فعلية في هذه الإبادة.

 

في هذا السياق، جاء تصريح وزير العدل الأفغاني، المولوي عبد الحكيم شرعي، خلال مؤتمر مكة المكرمة قبل أسابيع ضمن قراءة نص بيان أمير المؤمنين أمام المؤتمر، ليؤكد ضرورة أن تطلب الأمة الإسلامية العفو أولاً من الله ثم من الشعب الفلسطيني المظلوم، مشدداً على أن الأمة لم تؤد واجبها بعد، وأن الحكام المسلمين بحاجة إلى الاستيقاظ من غفلتهم والتصدي للسياسات الغربية التي أضعفت الحساسيات الإسلامية.

 

وقد لاقى هذا الموقف صدى واسعاً في الإعلام ووسط الناشطين على منصات التواصل الاجتماعي، مؤكدين أن دعم غزة هو ترجمة فعلية لآية “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا”، فالرسالة التي بعث بها الشعب الأفغاني اليوم تؤكد أن هناك من لا يزال مستيقظاً في ظل غفلة الأمة والخذلان الكبير الذي يتعرض له شعب غزة وفلسطين، وأن صوت التضامن الإسلامي لا يزال ينبض رغم الصمت الرسمي.

 

إن الشعب الفلسطيني في غزة هو اختبار حي لضمير الأمة الإسلامية، فإذا أخفقت هذه الأمة في القيام بمسؤولياتها، فإن التاريخ سيذكرها بعار عظيم، ولكن هناك بارقة أمل تكمن في وحدة الصف الإسلامي، والتوافق بين الشعوب الإسلامية ويتطلب ذلك من الحكومات الإسلامية مواجهة الضغوط الغربية، وهو السبيل الوحيد الذي يفتح الطريق نحو تحرير فلسطين وتخليص شعب غزة المكلوم من وحشية الكيان الصهيوني والتواطؤ والتآمر الغربي.

 

من هنا، يؤكد موقف الإمارة الإسلامية في أفغانستان أن طلب العفو من الله ومن الفلسطينيين يجب أن يكون بداية عملية لوحدة الأمة الإسلامية، والنهوض بواجبها الشرعي تجاه هؤلاء المظلومين والمضطهدين؛ لأن التاريخ لا يحفظ إلا الأمم التي تقف إلى جانب المظلومين.

 

إذا ما تُرك الفلسطينيون اليوم وحدهم، ستكون الأمة وحدها غداً، وليس هدف الكيان فلسطين فحسب، أما إذا استلهم المسلمون من روح التضامن الأفغاني وأشقائه من شعوب المنطقة الذين رفعوا أصواتهم ضد الظلم ومن موقف الإمارة الإسلامية الثابت الذي انتصر لشعب غزة وفلسطين وأعلنت أفغانستان متمثلة في الإمارة وشعبها الوفي وقوفها إلى جانب المقاومة الفلسطينية ضمن عملية طوفان الأقصى والتي يراها الأفغان حكومة وشعبا حقا مشروع لشعب فلسطين الذي يتعرض للوحشية الإسرائيلية منذ نحو 80 عاما، فسيُبعث هذا الموقف الأخوي مجدداً روح الوحدة الإسلامية، وسيُرفع أذان الحرية من محراب الأقصى، لينير ظلمة الاحتلال ببزوغ فجر العزة والكرامة.