هنيئًا لك أجر شهيدين يا يحيى!

يحيى حسن السنوار، وُلِد 19 أكتوبر 1962م، وارتقى شهيدًا 16 أكتوبر 2024م. انتقلت أسرته من عسقلان إلى مخيم خان يونس، ووُلد هناك، وعاش مهاجرًا مجاهدا يذوق آلام الفقر والهجرة والحرب، فخرج منها أسدًا هصورًا، ورجلاً من أشد الرجال. أعد إعداده لتحرير وطنه الحبيب، فبدأ المعركة وقاتل في أوائل الصفوف كمجاهد غريب شجاع لا يملك إلا ما يملكه كل من يقاتل العدو؛ مسبحة ورشاش وجعبة وقنابل يدوية، فقاتل العدو بين تلك البيوت الخاوية في مدينة رفح، بحي تل السلطان، إلى آخر ما ملك من الرصاص، ورآه العدو وظنه أحدًا من المجاهدين، فسقط شهيدًا، رحمه الله.

بقلم:أبوسعيد راشد

كنا نرى الفيديوهات من القدس، الاعتداء على المصلين، إطلاق الرصاص والغاز، ثم الضرب بالأقدام، والرقص اليهودي داخل المسجد الأقصى، والعجز العربي والإسلامي تجاه القضية، وأخيرا رأينا جنديا إسرائيليا يركل بكل شدة فتاةً مسلمة عفيفة في أزقة القدس.

مرّ قرن أو نصف قرن والمشاهد تتكرر، حتى أيقن الجميع أن حمل الأحجار في الجيب ورميها نحو الدبابات يكفي لتحرير القدس.

لكن البطل “يحيى” ظهر، وأظهر معه جندًا أقوياء يغيرون على الجيش الصهيوني ويعودون منتصرين. ظهر بعد صبرٍ طويلٍ وإعدادٍ واجب كامل. ظهر وقد أعدّ للمعركة الفاصلة، وقدَّم حياته أولًا فداءًا للأقصى والقدس. بدأ المعركة الإقليمية الكبرى، بعقلانية كبيرة مدهشة، وتدبير قوي حاسم، وعزم جماعي قويم.

خرج العرب وأهل فلسطين معه من قاع الذل والتصبر للفجائع إلى قمة المجد والمعارك والشهادة.

إننا نحزن للشهداء والجرحى والجوعى يتساقطون، لكن والله كان حزننا أشد على ركلة يهودية لفتاة واحدة مسلمة.

إنها الحرب والحرب عز للرجال، والشهادة في سبيل الحرية فخر.

ورحمه الله إذ غيَّر صورة الشرق الأوسط، وتغير الحوار والكلام من مشاهد الجروح في طرف واحد، إلى معركة واسعة ذات طرفين {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ} [النساء: 104].

آلامنا بالغة؛ لكنها ليست بأقل منها في العدو، فإن ساحة العدو انقلبت من ساحة آمنة مطمئنة إلى ساحة معركة مضطربة.

يحيى حسن السنوار، وُلِد 19 أكتوبر 1962م، وارتقى شهيدًا 16 أكتوبر 2024م. انتقلت أسرته من عسقلان إلى مخيم خان يونس، ووُلد هناك، وعاش مهاجرًا مجاهدا يذوق آلام الفقر والهجرة والحرب، فخرج منها أسدًا هصورًا، ورجلاً من أشد الرجال. أعد إعداده لتحرير وطنه الحبيب، فبدأ المعركة وقاتل في أوائل الصفوف كمجاهد غريب شجاع لا يملك إلا ما يملكه كل من يقاتل العدو؛ مسبحة ورشاش وجعبة وقنابل يدوية، فقاتل العدو بين تلك البيوت الخاوية في مدينة رفح، بحي تل السلطان، إلى آخر ما ملك من الرصاص، ورآه العدو وظنه أحدًا من المجاهدين، فسقط شهيدًا، رحمه الله.

نال الشهادة وهي أكبر أمانيه، لكنه لم يمت، وستحيى المعركة التي بدأها يحيى رحمه الله، ولن تتوقف الجحافل عن السير حتى تفتح القدس.

إنه أحيى في الساحة العربية ما قد فُقِد من قرن؛ الجهاد والنصر والاستشهاد.

وقد جربنا في حربنا إبان الاحتلال الأمريكي أن استشهاد القادة يُحمي الوطيس، ويحفظ النار من الخمود، ويقرِّب النصر. {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139].

روى الطبراني -رحمه الله- في المعجم الكبير: عن ابن شهابٍ “فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ خَيْبَرَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار ثُمَّ مِنْ بني حَارِثَةَ – مَحْمُودُ بن مَسْلَمَةَ”، وَذَكَرُوا أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمُحَمَّدِ بن مَسْلَمَةَ: “أَخُوكَ لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ”. المعجم الكبير (19 / 304) برقم (678). قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح . مجمع الزوائد، كتاب المغازي والسير، باب غزوة موتة (6 / 155).

عن عَبْدِ الْخَبِيرِ بْنِ قيس ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، يُقَالُ لَهَا: أُمُّ خَلاَّدٍ، وَهِيَ مُتَنَقِّبَةٌ، تَسْأَلُ عَنِ ابْنِهَا وَهُوَ مَقْتُولٌ؟ فَقَالَ لَهَا بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: جِئْتِ تَسْأَلِينَ عَنِ ابْنِكِ وَأَنْتِ مُتَنَقِّبَةٌ؟ فَقَالَتْ: إِنْ أُرْزَإِ ابْنِي فَلَنْ أُرْزَأَ حَيَائِي.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ابْنُكِ لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ.

قَالَتْ: وَلِمَ ذَاكَ، يَا رَسُولَ اللهِ؟

قَالَ: لأَنَّهُ قَتَلَهُ أَهْلُ الْكِتَابِ. رواه أبوداود، كتاب الجهاد، باب: فضل قتال الروم (3/5) برقم ( 2488) المكتبة العصرية، بيروت. ورواه البيهقي في السنن الكبرى، أبواب السير، باب ماجاء في فضل قتال الروم و قتال

اليهود (9/295) برقم (18591).