اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
ولاشك أن جراح تسبب بها الاستعمار للأفغان لم تندمل بعد، وهناك مشاكل وأزمات كبيرة خلفها الاحتـ.ـلال، ويجب معالجتها والتوصل إلى حلها قبل كل شيء إلا أن الفرح بانتصار الشعب المـ.ـجاهد أعظم من كل شيء وفرحة! فلا شيء يساوي فرحة الانتصار سيما إذا كان انتصار ثلة قليلة من أبطال هذه الأمة المباركة على أعتى قوة عرفها التاريخ بعد سنوات من المعامع والملاحم، فحق لهذا الشعب أن يقوم بفعاليات احتفائية، ويحتفل بثمرة جـ.ـهاده ونضاله ضد تحالف عالمي ضم أعظم القوات وأكثر الدول.
ستدشن أفغانستان غدا الأربعاء احتفالات كبيرة في عموم البلاد، وسيحتفل الأفغان هذا اليوم (24 من برج أسد الذي يوافق يوم الـ10 من شهر صفر) الذي يتزامن مع الذكرى الثالثة لـدحر الاحـ.ـتلال الأمريكي وهزيمة القوات الغربية وطرد حلف الناتو من الأراضي الأفغانية ومن المتوقع أن تكون هناك استعراضات عسكرية ضخمة في العاصمة كابل ومدن رئيسية في البلاد إضافة إلى احتفالات شعبية في هذا اليوم التاريخي بمناسبة نهاية حقبة الاستعمار الأمريكي بعد عشرين عاما من الوجود الغربي الغاشم على أرض الأفغان.
وفي دلالة على أهمية المناسبة، أعلنت الحكومة الأفغانية الحالية التي تقودها الإمـ.ـارة الإسلامية في أفغانستان إجازة رسمية في كافة أرجاء البلاد بمناسبة هذا اليوم وفق التقويم الرسمي الذي أخرجته الإمـ.ـارة الإسلامية مؤخرا، وقد أعرت الحكومة الأفغانية هكذا الأيام -وما أكثرها وأجملها- اهتماما بالغا كي تكون الأجيال القادمة على دراية بتاريخها المشرق التليد وبطولات أجدادهم ورجالهم وأبطالهم ومـ.ـجاهديهم.
هذا اليوم يوم عظيم في تاريخ الأفغان، وبعد حرب استمرت عشرين عاما بين المجـ.ـاهدين والقوات الأجنبية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية توقف القتال بعدما رضخت أمريكا لمطالب الأفغان وجلست مع الإمـ.ـارة الإسلامية على طاولة المفاوضات حين تيقنت أن كسر إرادة الشعب الأفغاني أمر ليس باستطاعتها، ووقعت اتفاقية شهيرة في العاصمة القطرية الدوحة مع شعب مسلم قهرته وقتلت منه الآلاف والآلاف بغية أي ينزل عند رغبتها لكن محاولاتها معه في إرغامه وهزيمته باءت كلها بالفشل، وهذه الاتفاقية مهدت الطريق للانسحاب الأمريكي وخرج حلف الناتو من أفغانستان خاوي الوفاض دون الحصول على أية نتيجة لغزوه الذي استمر عشرين عاما وكان مكسبا كبيرا للأفغان إذ نال الحرية والاستقلال بعد سنوات من الحروب والمآسي.
فهذا اليوم الذي يوافق الـ24 من شهر أسد يوم نهاية المآسي والأحزان، وهو يوم انتصار وفرحة وسرور بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ لأنه يوم الخلاص من أخبث قوة عرفها التاريخ وأكثرها إجراما، ولأن الاحتـ.ـلال الغربي الغاشم أذاق الشعب الأفغاني ضروبا من العذاب والآلام والأحزان، وارتكب أبشع الجرائم والجنايات التي لن تسقط بالتقادم ومرور الأيام، فالصغير والكبير في هذا البلد نال حظه من الألم جراء عشرين عاما الماضية، والعالم الغربي الذي يتفاخر بالإنسانية ويرفع شعار مساندة البشر والسعي لأجل تحقيق السلام العالمي وحقوق الإنسان قد قصف القرى والمدن والأرياف والمساجد والمدارس والمحافل والأعراس ومآتم العزاء ومواكب الجنائز والبيوت والمستشفيات وكل ما يقطنه الإنسان على ثرى بلاد الأفغان، أما المداهمات الليلية العمياء فقد كانت أسوء ما جربها الأفغان طيلة عشرين عاما من الحروب كيف لا وقد كان الجنود الأمريكيّون وعملاؤهم يدخلون على الأطفال والنساء والضعفاء والعزل بيوتهم ومساكنهم في ضياجير الظلام ثم ما يخرجون إلا وقد أهلكوا الحرث والنسل، وقتلوا الكبار أمام أعين الصغار والأزواج أمام الزوجات، وفلذات الأكباد أمام الأمهات.
إنه يوم عظيم بحق للشعب الأفغاني، إنه لحظة انتصار للمظلومين على الظالمين، ولمحات انتصار السجين على سجانيه، ولا شك أن هذا اليوم العظيم سيكون ذكراه مخلدا في تاريخ الإسلام بإذن الله، ومسطرا في صفحات مجده وعزه المشرقة كيف لا وقد انتزعت الأباة الحماة أسود الإسلام الضياغم -نحسبهم كذلك عند الله- الاستقلالَ بإيمانهم الثابت الذي لم يتزعزع أمام جبروت وكبرياء وعنجهية الغرب، وسلاحهم الذي لا يساوي شيئا أمام الترسانة العسكرية الأمريكية الضخمة الحديثة، ونتمنى أن تضج شوارع كابل ومزار شريف و هرات و قندهار ومدن أفغانية أخرى طويلا باحتفالات بمناسبة ذكرى الاستقلال العظيم، ونأمل أن تذكر الأجيال القادمة ما ناله أجدادهم وآباؤهم ورجالهم ببطولاتهم وصولاتهم، واللهَ نسأل سبحانه وتعالى أن يديم على الشعب الأفغاني هذه النعمة العظيمة؛ نعمة الحرية والاستقلال ونتمناها لجميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها كما ندعو الله أن يتقبل أولئك الشهــ.ـداء الذين قدموا الغالي والنفيس في سبيل هذا الدين وتحرير بلدنا وأرضنا من قبضة الغربيين وإنقاذ الشعب الأفغاني من هيمنة الرجل الغربي من خلال جهـ.ـاد ونضال ضد القوى الاستعمارية، كما نذكر إخواننا المظلومين في غـ.ـزة بالدعاء، وأن ينصرهم الله ويثبتهم على عدوهم إنه القادر على ذلك. ونقول لهم اصبروا وصابروا ورابطوا فالنصر قريب بإذن الله، والله لن يخذلكم وسينصركم على عدوكم إن شاء الله.
دیدگاه بسته شده است.