رسالة إلى كل أم خرج ابنها مجاهداً في سبيل الله

“إليكِ أماه” رسالة إلى كل أم خرج ابنها مجاهداً في سبيل الله بقلم: أبو مصعب يا من ذقتِ مرارة الألم والوجع لأنعم بالنسيم العليل، وتعرضتِ لظروف الزمان لتهبيني البهجة والسرور، وبذلتِ أقصى جهدكِ لترسمي على وجهي صورة بسّامة، أنتِ يامن ضعفت أمام دفء حبها حرارة الشمس ولان أمامها الفولاذ، يا قمر الليالي وشمس النهار، أنتِ […]

“إليكِ أماه”

رسالة إلى كل أم خرج ابنها مجاهداً في سبيل الله

بقلم: أبو مصعب

يا من ذقتِ مرارة الألم والوجع لأنعم بالنسيم العليل، وتعرضتِ لظروف الزمان لتهبيني البهجة والسرور، وبذلتِ أقصى جهدكِ لترسمي على وجهي صورة بسّامة، أنتِ يامن ضعفت أمام دفء حبها حرارة الشمس ولان أمامها الفولاذ، يا قمر الليالي وشمس النهار، أنتِ من تؤويني حين يدفعني الجميع، وتعانقيني حين يحقرني الأنام، وتفرحي بإطعامي وإن لم تطعمِ منه لقمة، يا من خضع أمام حبكِ كل شيء ولا مثيل للطفكِ على ظهر الأرض.

يا أماه…! ما زلت أذكر تلك الأيام التي فارقتك فيها مدة طويلة، وما زالت العواطف والمشاعر تصور لي تلك الظروف القاطعة والمناظر الشاقة، وإني لأعلم أن عيونك ما فارقت عتبة الباب في تلك الفترة، وكل يوم كان أشق عليك من الذي مضى، وأذكر تلك اللحظة التي لقيتك فيها، وعرفتُ عند اللقاء بالنظر إلى وجهك -الوردة التي قد ذبلت- أنكِ عانيت بؤساً ضخماً في بُعدي، وعند اللقاء شعرت كأن الحياة انتعشت في دارنا التي كانت أشبه بالمقبرة، وكأن الزمان انقلب من الحزن واليأس إلى البهجة والسرور، واستحالت الوجوه من الهم والغم إلى الفرح الجم.

وأنا الآن في فراقكِ ألاحظ كل كلماتك التي تقولينها لي يا أماه، فكلما تذكرتك تذكرت تلك الكلمات العذبة والعبارات الحلوة فأزداد حرقة وشدة في الهم، فتدمع عيناي وتسقي خداي، وأذكر تلك الكلمات التي قلتِها لي: يا بني! لِمَ لا تطيب نفسك بالجلوس في البيت؟

فاسمعي يا أماه…! إن حالي في فراقكم لا يختلف عن حالكم فيه، لكني كلما تذكرتكم و تألمت فيكم غلبت علي هموم الأمهات والأخوات اللاتي يكابدن ظلم الكفار، فتغلب هموم الأمة على ذكرياتكم، لأنني أفضل أن أصون آلاف من الأمهات بترك أم واحدة، وأحمي آلاف من الأخوات اللاتي في سجون الأعداء بهجر أخت واحدة، وأساعد تلك الأم التي مات ولدها بانفجار قنبلة وهي تبكي وتصرخ، وابنها في حجرها أُلبِس لباساً أحمراً بجروح عميقة على جسده الصغير، والأم تصرخ وتنادي الله، وليس في عونها إلا أبناءکِ الذين وفقهم الله لذلك.

أوترضين يا أماه بأن أبقى جالساً مرتاحاً والسباع تتسابق في قتل المسلمين؟

أوترضين يا أماه بأن يكون ابنك في البيت والكفار يغيرون على قرى المسلمين ثم يقتلونهم ويسلبون أموالهم ويقطعون أراضيهم ويختطفون بناتهم؟ لا يا أماه! أنا متيقن بأنكِ لا ترضين ببقائي في البيت في مثل هذه الظروف، وأعرف حبكِ لله ولرسوله ولدينه الذي أتى به عليه السلام، فاصبري يا أماه واحتسبي الأمر إلى الله تعالى، إن الله كتب لنا الأمرين: الفتح أو الشهادة.

أنت لستِ مثل النسوة الأخريات، إنك إذا بكيتِ فبكائك على ابنك الذي يدافع عن دين الله تعالى، وإن توجعتِ فوجعكِ على فراق من يذوق مرارة الظروف كل يوم ليمكن للأمة حلاوة العيش، وثمّة أمهات تتحمل فراق ابنها الذي خرج يطلب الدنيا، أو ما رأيتِ يا أماه امرءة تتبختر لأن ابنها في جنود الدولة التي يحكمها أعداء الإسلام؟

أو ما رأيتها تستكبر على النسوة الأخريات؟ فابنكِ يا أماه ليس من أمثال هؤلاء الجنود، بل من جند الله الذين يمدحهم القرآن والسنة، ويؤيدهم الله تعالى من فوق عرشه بالملائكة المسوّمين، فحسبك هذا الشرف، فهل من عزّ بعد هذا؟

فأنت أجدر بأن تتبختري بابنك المجاهد الذي يدافع عن دين الله تعالى. وأرجو منكِ الدعاء بانتصار الأمة، وأن ينصر الله الذين خرجوا في سبيله يبتغون أن تكون كلمته هي العليا، ولا تنسي الأسارى في أيدي الكفار بأن يعجّل الله بفكاكهم ويسلّي قلوبهم وقلوب أقاربهم.

والله أسال أن يخرج المسلمين من هوة الظلم ويحفظهم من الظالمين بجنوده ويجعلهم آمنين في الأرض وينشر ريح الإيمان والهداية في العالم.