مشروع “تابي” من منظور استراتيجي للدول الشريكة

مشروع *TAPI* يمثل نقطة تحول استراتيجية للدول الشريكة، حيث يُعزز التعاون الإقليمي ويسهم في تحقيق أهداف كل دولة بما يتناسب مع مصالحها الوطنية. ورغم التحديات، يُعد الافتتاح الذي تم في أفغانستان خطوة إيجابية نحو تحقيق هذا الحلم الإقليمي.

‏مشروع *TAPI*، الذي يشمل تركمانستان، أفغانستان، باكستان، والهند، يعد من أبرز المبادرات الإقليمية في مجال الطاقة، ويمثل أهمية استراتيجية لكل دولة شريكة. كل دولة من هذه الدول تنظر إلى المشروع من منظور يختلف وفقًا لمصالحها الوطنية والجيوسياسية، مما يخلق تعقيدات وفرصًا على حد سواء.

1. تركمانستان: مصالح اقتصادية وتنافسية
بالنسبة لتركمانستان، *مشروع TAPI* يشكل حلاً استراتيجياً لتصدير الغاز إلى أسواق جنوب آسيا (الهند وباكستان)، حيث تجد الدولة نفسها في منافسة مع دول مثل إيران التي تسعى أيضًا لتلبية الطلب الإقليمي على الغاز. تركمانستان تعتمد بشكل كبير على تصدير مواردها الطبيعية، وتسعى لتنويع أسواقها بعيدًا عن الاعتماد الحصري على روسيا. لهذا، ترغب في ضمان بيع الغاز إلى شركاء جدد في الأسواق المتعطشة للطاقة، خاصة الهند، التي تُعتبر واحدة من أسرع الأسواق نموًا في العالم. علاوة على ذلك، دعم التحالف الغربي للمشروع يجعل منه جسرًا لتوطيد العلاقات الاقتصادية والجيوسياسية مع شركاء خارج روسيا وإيران، ويعزز من مكانة تركمانستان كمورد رئيسي للطاقة.

2. أفغانستان: الاستقرار السياسي ومصدر الإيرادات
من منظور أفغانستان، يمثل المشروع شريان حياة للاقتصاد الوطني. يُمكن لـ *TAPI* أن يسهم في تحقيق *الاستقرار السياسي، من خلال توفير فرص عمل وإيرادات دائمة من رسوم العبور تصل إلى 450 مليون دولار سنويًا. كما أن المشروع يعزز الاتصال الإقليمي لأفغانستان ويجعلها شريكًا حيويًا في نقل الطاقة بين آسيا الوسطى وجنوب آسيا، وهو ما يتماشى مع استراتيجية **الأمن القومي* للبلاد. من خلال هذا المشروع، يمكن لأفغانستان أن تقلل من اعتمادها على المساعدات الدولية، وتبني بنية تحتية قوية تُعزز من مكانتها كممر استراتيجي بين الأسواق الكبرى في المنطقة.

3. باكستان: الهيمنة الاقتصادية والسياسية
تُعد باكستان واحدة من الدول التي تستفيد بشدة من *TAPI، حيث تعاني من نقص كبير في موارد الطاقة. باكستان ترى في المشروع فرصة لتعزيز **التفوق السياسي والاقتصادي*، ليس فقط من خلال تأمين إمدادات الغاز الضرورية، ولكن أيضًا عبر زيادة هيمنتها الإقليمية. نظرًا للدور الذي يلعبه الجيش الباكستاني في الحفاظ على الأمن الوطني، فإن نجاح المشروع يعتمد بشكل كبير على هذا الجانب. الاستراتيجية الأمنية الباكستانية قد ترى في التعاون مع أفغانستان وتركمانستان فرصة لتعزيز العمق الاستراتيجي في المنطقة، خاصة في ظل التوترات مع الهند، حيث يُعتبر المشروع أيضًا وسيلة لحرمان الهند من التفوق الطاقوي في المنطقة.

4. الهند: مشترٍ أساسي للغاز
بالنسبة للهند، تُعد *TAPI* مشروعًا بالغ الأهمية لتعزيز أمنها الطاقوي، حيث تعاني من نقص مزمن في موارد الطاقة وتبحث عن تنويع مصادرها. الهند، التي تُعتبر القوة المحورية في جنوب آسيا، ترى في *TAPI* وسيلة لربط اقتصادها بأسواق آسيا الوسطى، مما يعزز من مكانتها كلاعب رئيسي في المنطقة. ارتباط الهند بمشروع بهذه الأهمية يُعزز من استراتيجيتها في توسيع نفوذها الاقتصادي والجيوسياسي، خاصة في ظل محاولتها الحد من اعتمادها على الغاز الإيراني أو المصادر الأخرى. من الناحية الجيوسياسية، يُعتبر نجاح المشروع مكسبًا للهند في سباقها لتعزيز نفوذها في جنوب آسيا وآسيا الوسطى.

التحديات والمخاطر:
رغم الأهمية الاستراتيجية الواضحة لمشروع *TAPI، تواجه الدول الشريكة عدة **عقبات. أكبر هذه العقبات تتمثل في **باكستان، التي قد تكون حجر العثرة الرئيسي أمام تنفيذ المشروع بشكل كامل. تعتمد باكستان على مصالحها الأمنية والسياسية في تحديد مواقفها من المشروع، حيث ترغب في الحفاظ على نفوذها الإقليمي وتقليل التفوق الهندي. كما أن التحديات المالية والمنافسة الاقتصادية* بين دول المنطقة تجعل من تنفيذ المشروع تحديًا مستمرًا.

الخلاصة:
مشروع *TAPI* يمثل نقطة تحول استراتيجية للدول الشريكة، حيث يُعزز التعاون الإقليمي ويسهم في تحقيق أهداف كل دولة بما يتناسب مع مصالحها الوطنية. ورغم التحديات، يُعد الافتتاح الذي تم في أفغانستان خطوة إيجابية نحو تحقيق هذا الحلم الإقليمي.