متن البيان الذي تلي من قبل وفد المكتب السياسي لإمارة أفغانستان الإسلامية في مؤتمر باجواش البحثي

سم الله الرحمن الرحیم مقدمة الحمد لله رب العلمین والصلا ة  والسلام علی سیدنا ونبینا محمد وآله وأصحابه أجمعین. أما بعد:  قال الله تعالی،  أعوذ بالله من الشیطن الرجیم: ( لاخَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا […]

سم الله الرحمن الرحیم

مقدمة

الحمد لله رب العلمین والصلا ة  والسلام علی سیدنا ونبینا محمد وآله وأصحابه أجمعین. أما بعد:

 قال الله تعالی،  أعوذ بالله من الشیطن الرجیم: ( لاخَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا .)  صدق الله العظیم. سورة النسأ، آیة ﴿۱۱۴﴾

قبل كل شيء، اشكر منظمة باجواش الدولية وخاصة أمينها العام السيد/ بروفيسر باولو كوتا راموسينو حيث بجهوده ورفاقه أمكن انعقاد هذه الجلسة، كما أشكر حكومة دولة قطر الشقيقة التي وفرت تسهيلات لازمة للمشاركين في هذا المؤتمر. أقدم التحية للمشاركين.

أيها السادة الحاضرون! إذا نظرنا إلى التاريخ القريب لأفغانستان، تأسست حركة طالبان الإسلامية حينما لم يكن نفس ومال الناس في مأمن في البلد الحبيب، كان كل صاحب القوة يحكم في منطقته حسب هواه. كان قوله هو قانونه. كان البلد سائراً نحو التقسيم. كان المجتمع الدولي أيضاً ساكتاً عن هذه الأوضاع.. لم يكن له إرادة أي فعل ولا خطة. في هذه الحالات قام عدد من المجاهدين الأفغان المخلصين، وطلاب المدارس الدينية تحت قيادة سماحة أمير المؤمنين الملا محمد عمر مجاهد “حفظه الله” في شكل حركة طالبان الإسلامية من أجل نجاة الشعب.

هذه الحركة كانت حركة أفغانية وإسلامية، ومصدر قوتها مساندة الشعب وعشقه لها. لذا نجحت في استتباب الأمن والسلام في مناطق واسعة من البلد في وقت قصير جداً. حفظت أموال الناس وأنفسهم، وعرضهم، منعت زراعة المواد المخدرة وتهريبها، صدت تقسيم البلاد، ونفذت النظام الإسلامي في البلد؛ لكن من البداية بدأت دعاية سيئة من قبل دول وحلقات مختلفة ضد هذا النظام الناشئ الجديد، وكان كل يوم تحك دسائس جديدة ضده.

نقبل بأن أعضاء الإمارة الإسلامية ومنسوبيها نظراً لعدم توفر التجربة الكافية قد وقعوا في بعض الأخطاء وكانت هناك بعض نواقص؛ لكن هدفهم كان جني ثمار تضحيات المجاهدين في شكل نظام إسلامي، التي لم تقطف بعد؛ نتيجة الاقتتال الداخلي، بل وأصبح هذا الاقتتال سبباً لتشويه سمعة الجهاد والمجاهدين. للأسف استمرت تلك الدسائس إلى أن هاجمت أمريكا ورفاقها على أفغانستان تحت ذريعة الإرهاب وأزالت حكم الإمارة الإسلامية العلني.

بعد الاحتلال أي ابتداءً من شهر أكتوبر لعام 2001 م حتى هذا اليوم أي مدة قرابة 14 سنة استعمل الأمريكيون ورفاقهم جميع أنواع الحِرب والأسلحة ضد الشعب الأفغاني والمجاهدين. قتلوا وجرحوا آلاف من الأفغان بلا رحمة الذين ليس لهم أي صلة بحادث الحادي عشر من سبتمبر، ونظراً لاستخدامهم الأسلحة الكيمياوية والمحرمة دوليا أصابوا الأفغان بأمراض قاتلة. زجوا بكثير من الأبرياء في سجون بجرام وغوانتانامو وغيرها من المعتقلات السرية والعلنية وعذبوهم. أبقوهم لسنوات دون محاكمة في السجون، ولازال عدد كبير منهم يقبعون وراء القضبان في المعتقلات. دمروا المنازل والبساتين، أهانوا إلى مقدساتنا وإلى أجساد شهداءنا، قصفوا بطائراتهم حتى مجالس العزاء والجنائز ومراسم الزفاف؛ لكن إستراتيجية الجبر والإكراه هذه لم تكن لها أي مكتسبات غير القتل والدمار، وخلقت للأفغان أزمة إنسانية فقط.

من جهة أخرى تكبدت أمريكا أيضاً خسائر مادية وبشرية، أضرت بمكانتها الدولية. رسمت بنفسها خط البطلان على تعهداتها ودعاويها السابقة تجاه الحفاظ على حقوق الإنسان والدفاع عنها، وخططها الاستعمارية قصيرة الأجل وطويلة الأجل بقيت ناقصة. وإذا ما استمرت هذه الإستراتيجية بهذا المناول؛ فغير الذي حصل لن يكون لها أي مكسب ايجابي آخر. بل بجانب إلحاق الضرر بالأفغان تتكبد أمريكا ورفاقها خسائر كما في السابق. لكن إن كانت الدول الاحتلالية حقاً تريد تغيير الأوضاع في أفغانستان فقبل كل شيء يجب إيجاد سياسة مبنية على الحقائق، وأن يقبلوا حق الشعب الأفغاني المشروع الذي هو الاستقلال والنظام حسب رغبته؛ لأن السلام يأتي نتيجة تأمين العدالة، ولا يأتي نتيجة الظلم والاحتلال، والتعصب والعناد وإعمال القوة. وإن تاريخ بلادنا خير شاهد على هذا الأمر.

نريد بعد هذه المقدمة عرض وجهة نظرنا حيال المواضيع التالية:

الوضع الحالي

إن الوضع الحالي لأفغانستان وليدة  الاحتلال وما أوجدت من السياسات نتيجة هذا الاحتلال. من جهة البلد محتل فعلاً، الجنود الأجانب يهاجمون على منازل الأفغان هجمات ليلية، يقتلون الناس الأبرياء أمام أعين أفراد أسرهم، يقومون بغارات جوية عشوائية، يهينون مقدسات الشعب الأفغاني المسلم، الميليشيات والمسلحون الآخرون المرتبطون بإدارة كابل يتلاعبون بأموال وأنفس وأعراض الناس، ويغتصبون منازلهم وأراضيهم. بشكل خاص يواجهون حياة النساء الذي هو حقهن المسلم مع الخطر ووفق تقارير موثقة تقع مئات من النساء ضحايا لأنواع مختلفة من التجاوزات، وتفقد معظمهن حياتهن.

إن أفغانستان في قائمة الفساد الإداري وتهريب المواد المخدرة لها المقام الأول. تلك هي الشواهد التي بموجبها، البلد سائر نحو أزمة و مستقبل مجهول، من جهة محاولات محو الهوية الإسلامية والوطنية للبلد جارية، تزرع أيادي خفية و أخرى ظاهرة بذور التنافر والكراهية بين أقوام البلد الشقيقة، وظفوا في داخل البلد أشخاصاً يقدمون مصالح الأجانب على المصالح الوطنية وجعلوا مصالحنا الوطنية تواجه الخطر. جميع هذه الأمور لها دور كبير في وضع أفغانستان الحالي المتأزم.

في مقابل هذه المصائب فإن المقاومة الحالية هي قيام إسلامي ووطني. وإن لم تكن للمقاومة الجهادية الجارية شكل قيام وطني ؛ ففي عالم الأسباب لا يمكن لحركة بصفتها حركة أو منظمة أن تقوم بمواجهة قرابة خمسين دولة مدججة بأفتك وأطور الأسلحة وأحدث التكنولوجيا؛ لكن نحن الآن نشاهد عياناً تواجد الإمارة الإسلامية في أكثر أجزاء البلد. الناس يرفعون مظالمهم وقضاياهم إلى محاكم الإمارة الإسلامية بدلاً من محاكم إدارة كابل.

إن آلاف من وسائل الإعلام الإلكترونية والمطبوعة للاحتلاليين ولمسانديهم تواصل دعاية سلبية  ضد المقاومة الإسلامية الوطنية الحالية، تسعى قتل شخصية المقاومة الجهادية وقتل سمعتها، لكن بما أنها قيام وطني لذا لم يتمكنوا من إيجاد الفجوة بين المقاومة الجهادية والشعب، أو يتحكموا بقوة السلاح في الإرادة الاجتماعية للشعب المجاهد وقدرته، بل نحن نشاهد بأن الإمارة الإسلامية بمرور الزمن تشكل مزيداً من التلاحم القوي مع شعبها.

الاحتلال

تجاوزت أمريكا ومتحديها تجاوزاً عسكريا على بلد مستقل أفغانستان، قاموا هنا بقتل وأسر آلاف الأشخاص، أهانوا المقدسات الدينية للشعب، دمروا منازل الناس ومزارعهم وبساتينهم؛ لذا يجب في الخطوة الأولى إنهاء الاحتلال الذي هو أم لكل هذه المصائب والأحزان لكي يتم فتح الطريق للسلام والتفاهم الجماعي بين الأفغان. من جهة أخرى فإن دول المنطقة أيضاً لها حساسية مع تواجد القوات الأجنبية في أفغانستان؛ لذا فإن استمرار الاحتلال بمعنى استمرار الحرب.

هذه أيضاً حقيقة بأنه في حالة تواجد القوات الأجنبية لا يمكن تشكيل حكومة مستقلة في أفغانستان، كما لا يكتمل استقلال البلد، وأيضاً لا يمكن إيجاد إستراتيجية قائمة على أساس المصالح الإسلامية والوطنية. فمثلما بدأت الحرب في الوطن الحبيب بسبب الغزو الأجنبي؛ فخروج الجنود الأجانب يكون إن شاء الله استهلالاً للسلام بين الأفغان. سيجد الأفغان الفرصة بأن يجتمعوا فيما بينهم على القواسم المشتركة، وأن يتشكل نظام إسلامي يستوعب جميع الأفغان.

ماذا يريد الأفغان؟

الأفغان عشاق للدين والوطن، ابتداءً من إسكندر إلى الاحتلال الأمريكي الحالي فمن غزا بلادهم وتجاوز على قيمهم الإسلامية والوطنية فهم خرجوا لمقابلته بأموالهم وأنفسهم. والآن أيضاً يؤدون الدفاع بشكل جيد عن حقوقهم التي هي حق إسلامي  وإنساني ودولي معترف به لشعبنا. الأفغان غير ملوثين في أعمال تخريبية في أي بقعة من العالم ضد أي حكومة أو شعب؛ بل الآخرين هم هاجموا على موطنهم.

الأفغان يقبلون أصول الاحترام المتقابل، ويطلبون التعاون في الجانب الاقتصادي والتعليمي والاجتماعي والثقافي. ويطلبون من قادتهم أيضا أن يبذلوا مساعي مشتركة من أجل مكانة مستقلة، وموحدة ، وغير قابلة للتجزية ومسالمة وإسلامية لأفغانستان. وإيجاد نظام يكون ثمرة لتضحيات المجاهدين وبيضة للإنصاف ، والثبات، والتقدم، والازدهار، ويتواجد فيه حق التعليم وحرية البيان للنساء والرجال في إطار الأصول الإسلامية والتقاليد الأفغانية، نظام يمسح دموع الأيتام ويضع البلسم على جراح الشعب. نظام إسلامي يرى كل قوم نفسه فيه. وأن يتم العمل من أجل إعادة إعمار أفغانستان وازدهارها، وبإنهاء الاحتلال ينهوا هذه الحرب المفروضة.

جميع مساعي الإمارة الإسلامية هي لتحقيق الأهداف المذكورة آنفاً.

يحب أن نقول بأن احتلال بلادنا هو مصدر لجميع الأزمات والمصائب. إن مشكلة أفغانستان لن تحل بتوقيع معاهدات غير إسلامية وغير قانونية؛ بل مثل هذه المعاهدات تخلق موانع في سبيل السلام في أفغانستان. من أجل السلام يجب تقديم المصالح العامة والمنافع الوطنية على المنافع الشخصية والحزبية؛ لأن بوجود هذه الصفات يتحقق الصلح والسلام، لا عن طريق الخداع والحيل وإعمال القوة.

من وجهة نظرنا الشعب يريد من قادته من أجل السلام قبل كل شيء أن يكون لديهم إرادة متينة وتعهد ثابت. تتوقف الدعاية السالبة، يكون الموقف واضحاً تجاه السلام، لا موقفاً مبهماً ومجهولاً كما كان في السابق، حيث يقول شيئا في حين وفي حين آخر شيئا آخر.

السلام و الوفاق الوطني

السلام ضرورة أولية لأي شعب أو بلد وفي المجموع لكل إنسان. من دون السلام محال إيجاد الحياة الهادية والتقدم الاقتصادي والتعليمي والثقافي والاجتماعي والسياسي. فمن الواضح أن من لديه علاقة لازدهار شعبه وتقدمه وأمنه فهو يريد السلام والصلح؛ لكن السلام لا يأتي بمجرد الكلام والشعارات، بل السلام بحاجة إلى عزم متين وعمل واضح. أينما يصلب حق الحرية والاستقلال من الشعوب، يسيطر على مكان الحق والإنصاف الظلم والجور، يداس حق الضعيف بالأقدام من قبل القوي، ويقول للباطل حق وللحق باطل، طبيعي بأن يضيع السلام هناك، فقبل كل شيء يجب إزالة تلك العوامل التي هي سبب في ضياع السلام.

إن الاحتلال عامل كبير في منع السلام في بلدنا العزيز. وكذلك إعمال القوة، وعدم الإنصاف، عدم وجود نظام سالم، أسر الأفغان الأبرياء تحت مسميات مختلفة وزجهم في السجون دون المحاكمة وتعذيبهم، الهجمات الليلية، وترتيب قوائم سوداء ظالمة وأخرى قوائم جوائز على المستوى الدولي ضد قادة الإمارة الإسلامية وأعضاءها واستمرار هذه القوائم، مواجهة أقوام البلد مع الحرمان والعجز، وغيرها هي من العوامل التي تخلق الموانع والعراقيل في وجه السلام. بزوال ومحو هذه الموانع يتمكن الأفغان من أن يجتمعوا على المصالح الإسلامية والوطنية، ويتم فتح الطريق للسلام الدائم في البلاد.

ومن الضروري أيضا بأن يقود مشروع السلام والصلح عناصر يؤمون بتقدس السلام. وأن يكونون مشهورين في البلاد بالمصلحين المخلصين، وينظروا لتأمين السلام بعين الضرورة، لا أن يقبلوه كدستور أو مشروع صوري للأجانب، بل على عكس ذلك فالسلام ضرورة قصوى لأمن الأفغان وإعمار بلادهم. كما يجب ألا ينظر إلى السلام بمثابة كمين في الحرب بحيث يتربص كل طرف وينتظر هزيمة الطرف الآخر، بل يعتبره قاعدة أساسية لأجل الحصول على أهدافهم الإسلامية والوطنية المشتركة وأمن الشعب. للأسف توجد أمثلة في الماضي فبدلاً من أن ينظر إلى السلام كضرورة اعتبر كتكتيك. يستتب السلام حين توضع نقطة النهاية لأسباب دوام الحرب التي تحافظ على جمار القتال مشتعلة.

يجب أن نقول بأنه توجد عوامل داخلية وأخرى خارجية لعرقلة السلام. في العوامل الخارجية لعرقلة السلام يجب على الأمريكان ورفاقهم الإذعان إلى الإرادة الاجتماعية للشعب الأفغاني، وأن يودعوا إستراتيجية القوة، ويخرجوا جميع قواتهم من أفغانستان.

تهم الإرهاب الباطلة التي لا صلة للإمارة الإسلامية بها، ليس فقط عراقيل في وجه السلام؛ بل مثل هذه الدعاية تنفخ في لهيب الحرب. وكذلك للوصول إلى السلام يجب إعطاء حق للإمارة الإسلامية كضرورة ابتدائية مهمة بأن توصل صوتها بلسانها إلى العالم، وأن تسمع من العالم وأيضاً تتحدث بحديثها إلى العالم.

بالنسبة للعوامل الداخلية يجب أن نقول: للأسف كلما اتخذت الإمارة الإسلامية خطوة نحو السلام، في المقابل تم عرقلة السلام عملاً  باسم الاتفاقية الإستراتيجية والاتفاقية الأمنية، وتم دعاية مغرضة وبلا أساس من أجل تخريب مسار السلام، وقد وأوجدت العراقيل بذريعة أو أخرى أمام السلام. قامت إدارة كابل بخطوات من أجل إفشال مشروع السلام وفي الوقت نفسه بألا يعتبرها أحد خطوات ضد السلام بزعمها.

بدلاً من المفاوضات مع الإمارة الإسلامية تم عرض المفاوضات مع الدول المجاورة، وحين نشرت لأول مرة أخبار فتح المكتب في دولة قطر لمفاوضات السلام؛ فإن إدارة كابل حينذاك استدعت سفيرها من الدوحة، ومن ثم حين تم فتح المكتب من قبل الإمارة الإسلامية في قطر لمفاوضات السلام ؛ فإن إدارة كابل اعترضت على ذلك وأظهرت مخالفتها معه، وشددت الدعاية ضد السلام، والتبليغات السلوكية السالبة.

يجب أن نقول بأن السلام مسؤولية مشتركة في العموم، وأنه سبيل لإعطاء كل ذي حق حقه، وأنه نافذة الأمن والرفاهية.

المكتب

مكان المفاوضات ومحل الاتصال يكون في شكل مكتب، ضروري. لا يوجد الآن مكان للمفاوضات والذي ضرورة مبدئية بصفة عنوان علني للإمارة الإسلامية. يجب أن نقول بأن الجلسات المنتظمة الخاصة بالسلام يمكن إجرائها فقط في وجود المكتب، والمكتب ضرورة أيضاً من أجل نشر بيانات إعلامية تجاه السلام، وإجابة أسئلة الناس وإزالة مخاوفهم.

نحن نشاهد بأنه في الأونة الأخيرة نظراً لعدم وجود المكتب نشرت تقارير متباينة ومتعارضة حيال السلام والتي لا صحة ولا حقيقة لها. أوجدت سلسلة من القلاقل والتساؤلات لدى الناس. هذا النوع من الدعاية ليست شائعات مغرضة فحسب؛ بل تسعى لعرقلة مسار السلام وأن تترك أثراً معنوياً سيئاً لدى الناس. فإن وجد المكتب فيكون هناك متحدث مسئول، وكان سيجيب على مثل هذه التساؤلات كما حقه، وكان يصد وجه الشائعات المغرضة وبلا أساس.

القائمة السوداء

تلك هي قائمة بلا أساس وعمياء، تشتمل أيضا على أسماء أناس ليس لهم أي صلة بالإمارة الإسلامية، بعضهم متواجدون في إدارة كابل، وبعض الآخر قد توفوا؛ لكنهم موجودون في تلك القائمة، مشروع السلام والقائمة السوداء مفهومين متضادين، لا يتطابقان؛ لذا يجب إلغاء القائمة السوداء وقائمة الجائزة.

ومن الضروري أيضا بأن يواصل طرفا السلام مشروع السلام في جو من الحرية على حد سواء وبعيداً من أي نوع من الضغوط، لا أن يكون أحد الطرفين في القائمة السوداء، ولا يتمكن من السفر بحرية، ويكون تحت التعقب والمطاردة في كل وقت، أما الطرف الآخر له الحرية، ويحمل معه بطاقة القائمة السوداء ومتى ما أراد يستعمله كآلة الضغط، مثل هذا المشروع غير المتساوي لن يتقدم إلى أمام، ولن تكون له نتائج مرجوة ومطلوبة.

الدول المجاورة، السلام وخروج القوات الأجنبية

إن السلام في أفغانستان وخروج القوات الأجنبية أمران لأحدهما صلة بالآخر، لأن خروج القوات الأجنبية توفر الأرضية العملية للسلام، للأسف حتى الآن توظف استتباب السلام في أفغانستان كعمل تكتيكي من قبل اللاعبين الدوليين والمنطقيين، واستعملوه كمواد خام للمصرف الداخلي في داخل البلد، حتى الآن لا وجود للسلام كإستراتيجية في تخطيط إدارة كابل؛ بل تستعمله من أجل خدعة الشعب.

نحن نرى بأن بعض الجهات يظنون بأنهم سيجبرون الإمارة الإسلامية بدلاً من السلام الحقيقي إلى الاستسلام. يظنون ويسعون بأنه أولاً يجب إضعاف الإمارة الإسلامية في الميدان العسكري، ثم من واقع موقفهم القوي يجبرونها إلى السلام، لكن هذا مجرد خداع للنفس ولا يتطابق مع الحقائق على أرض الواقع. تلك هي صيغة قديمة التي جربها الأمريكيون في السنوات الأربعة عشرة الماضية؛ لكنهم لم ينالوا شيئاً من ورائها. وعليه نرى أنه حتى الآن لم يطرأ تغيير جذري في إستراتيجية إدارة كابل، بل تتابع تلك الإستراتيجية الاحتلالية والعدائية ، مخالفة السلام.

من أجل السلام هناك ضرورة للعزم الراسخ والإستراتيجية المبنية على الحقائق، لا أن يكون حديثه وعمله في الصباح يتعارض مع حديثه وعمله في المساء، مثلما نحن شهود على أمثلة ذلك في العقد المنصرم.

كما يجب لدول العالم والدول المجاورة بأن تبذل مساعي مخلصة من أجل السلام والثبات في أفغانستان. للأفغان حق مثل بقية الناس في العالم بأن يكون لهم بلد مستقل ومزدهر، وأن يشكلوا نظاماً وفق الأسس الإسلامية وقيمهم الوطنية. هذا الإجراء والعمل سيكون له نتائج وفوائد جيدة أيضاً لأمن وازدهار دول العالم والدول المجاورة.

القانون الأساسي

في العالم الحاضر أي سلطة وأي نظام حكومي من أجل تنظيم أموره الداخلية والخارجية وترتيبها بحاجة إلى قانون شامل وواضح، لكي تمهد طريق الازدهار والتقدم للشعب، ويعرف كل فرد وظيفته بشكل سليم في إطار القانون. القانون الأساسي ضرورة مبرمة لكل بلد؛ لأن من دونه تواجه أمور ازدهار وتقدم الشعب و البلد مع كثير من المشاكل والفوضاء. من خلال القانون الأساسي تنظم الحقوق الشخصية والمدنية والسياسية لكل فرد أفغانستان، إن القانون الأساسي يعطي حقوقاً عادلة لجميع الأقوام الشقيقة دون التعصب والتميز، يوضح كيفية الروابط بين الشعب والحكومة، ويلقي الضوء على توازن القوى الثلاثية الحكومية، يشخص نوعية الحكومة، والتشكيلات والسلطة، وفي العموم يحصل على تأييد الشعب الأفغاني والمجتمع الدولي تجاه السياسة الداخلية والخارجية لأفغانستان.

لذلك تعتبر الإمارة الإسلامية من أجل تقدم بلدها الحبيب وشعبها الغيور، والحياة الرغدة، ولانتعاش الأمور تعتبر وجود القانون الأساسي ضروري بحيث يكون مبنياً على أصول الدين الإسلامي المبارك، والمصالح الوطنية والافتخارات التاريخية والعدالة الاجتماعية، يكون ملتزماً للكرامة الإنسانية والقيم الوطنية، والحقوق البشرية، وأن يضمن سلامة أراضي البلاد، وجميع حقوق جميع المواطنين، وأن لا يتضمن مادة تكون مخالفة للأصول الإسلامية والمصالح الوطنية، والتقاليد الأفغانية. وبفضل القانون الأساسي في الحكومة القادمة تتوفر إمكانية توازن السلطة السياسية، ومشاركة جميع الأطراف الأفغانية في الحكومة.

نحن نقول صراحة بأنه يتم ترتيب مسودة القانون الأساسي في جو من الحرية من قبل المتخصصين الأفغان، ومن ثم تقدم للشعب لنيل التأييد، إن القانون الأساسي الموجود لأفغانستان حاليا غير قابل للاعتبار؛ لأنه نسخة مصورة من الغرب، وتم ترتيبه تحت ظلال طائرات بي 52 الحربية للاحتلاليين، مواده فيما بينها متضادة ومبهمة، وفُرض على مجتمع أفغانستان المسلم.

الرؤية المستقبلية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لإمارة أفغانستان الإسلامية

إن أعضاء الإمارة الإسلامية نهضوا من وسط الشعب، ويعيشون وسط الشعب، وقد ضحوا دائماً وبشكل عملي من أجل تحقق الآمال الإسلامية والوطنية للشعب، لكي ننعم بأفغانستان إسلامي مزدهر، ويتنفس شعبنا سعداء في بلده المستقل، وأن ننظم الأمور الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية في ضوء الأصول الإسلامية والوطنية.

علاوة على ذلك فإن الإمارة الإسلامية تعتبر نفسها ملتزمة لجميع تلك الحقوق التي منحتها الشريعة الإسلامية للنساء في جميع جوانب الحياة، للمرأة حق اختيار الزوج في الإسلام، لها حق الملكية، لها حق الميراث، لها حق العلم والعمل، إن الإمارة الإسلامية تضمن هذه الحقوق للنساء بالطريقة التي لا تداس حقوقهن المشروعة، وألا تهدد  كرامتهن الإنسانية ولا مكانتهن الإسلامية.

تعتبر الإمارة الإسلامية إنشاء تأسيسات المنافع العامة والحفاظ عليها ضرورة مبرمة من أجل النظام الإسلامي. وتعتبر الجسور، والأنفاق، وسدود المياه، وشبكات توزيع الري، ومحطات الكهرباء، ومراكز نقل الكهرباء، واستخراج المعادن، ومراكز تصفية النفط وأجهزتها، والإدارات التعليمية، والمدارس الدينية والمساجد، والمدارس العامة، والجامعات، والمراكز الصحية، والمستوصفات، والمستشفيات، وغيرها من الأماكن ذات المنافع العامة كلها ممتلكات مشتركة للشعب. وتعتبر الحفاظ عليها واجبها، إن زعيم الإمارة الإسلامية سماحة أمير المؤمنين حفظه الله تعالى في رسائله بمناسبة الأعياد شدد دائماً على سلامة أنفس الناس وأموالهم وأعراضهم، ومنع الخسائر المدنية، والحفاظ على التأسيسات العامة. وكذلك خلافاً لتبليغات العدو فإن الإمارة الإسلامية ليست لديها سياسة انحصار السلطة؛ بل هي على يقين بأن أفغانستان بيت لجميع الأفغان. مثلما الحفاظ عليه مسؤولية مشتركة للجميع كذلك للجميع حق المشاركة في اعماره.

السلام والمصالحة ومساعدة المجتمع الدولي

قبل كل شيء يجب أن يقر العالم بجميع الحقوق المشروعة للأفغان، ومن ضمنها حق الدفاع عن بلده وشعبه وعقائده، الذي يؤديه الشعب الأفغاني المجاهد حالياً. ووضع نقطة النهاية للمسرحية تحت مسمى الإرهاب، يكون من مصلحة العالم بأن يلعب دوراً محايداً في استتباب السلام في أفغانستان، وألا يضحوا بالأفغان من أجل أهدافهم الاستعمارية.

لا أحد يستطيع بأن يقتل روح الاستقلال في الشعوب بقوة السلاح؛ بل أن الشعب بقدر ما يضرب ويُدك يتقوى فيه روح التضحية والفداء، ويرتفع عزم مقاومته. إن المجتمع الدولي بقدر ما يمكنها كسب المكاسب في الحياة المسالمة والصداقة ، لا يمكنها كسبها من خلال العداوة مع الأفغان.

إن إمارة أفغانستان الإسلامية تعلن في صورة سياسة مرة أخرى بأنها لا تريد أن تلحق الضرر بالآخرين، كما لا تسمح للآخرين بأن يستخدموا أراضي أفغانستان ضد أحد، تريد من أجل ازدهار الشعب التعاون في جميع المجالات مع جميع دول العالم بما فيها الدول المجاورة، وترحب بالمساعي المخلصة لأي أحد من أجل استتباب السلام في أفغانستان.

 والسلام علیکم ورحمة الله وبركاته

إمارة أفغانستان الإسلامية

۱۳/۷/۱۴۳۶

۲/۵/۲۰۱۵