حوار تملؤه العاطفة والحنين! أب يحكي قصة ابنه الاستشهادي البطل

  مراسل الصمود ملاحظة: أجرينا حواراً مع الحاج عبيدالله والد شهيد يبلغ من العمر 20 سنة وكان ضمن مجموعة من الفدائيين الانغماسيين الذين نفذوا عمليتهم البطولية في ولاية قندوز شمالي البلاد، فنال هنالك وسام الشهادة، وفيما يلي نص الحوار: الصمود: قبل كل شيء، يطيب لنا أن نقدم التهاني بمناسبة استشهاد ابنكم الغالي، ونسأل الله سبحانه […]

 

مراسل الصمود

ملاحظة: أجرينا حواراً مع الحاج عبيدالله والد شهيد يبلغ من العمر 20 سنة وكان ضمن مجموعة من الفدائيين الانغماسيين الذين نفذوا عمليتهم البطولية في ولاية قندوز شمالي البلاد، فنال هنالك وسام الشهادة، وفيما يلي نص الحوار:

الصمود: قبل كل شيء، يطيب لنا أن نقدم التهاني بمناسبة استشهاد ابنكم الغالي، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل استشهاده، ويجزيكم بالأجر الجزيل والصبر الجميل ويمنحكم نعم البدل. ياحبذا لو أعطيت القراء بطاقة ابنكم الشخصية.

الحاج عبيدالله: أشكركم، وأقدم بدوري أيضاً التهاني والتبريكات لكم ولقادة المجاهدين، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل شهادة جميع الشهداء، ويوفقنا للسير على خطاهم.

اسم ابني أحمدالله، نسكن في مديرية بولدك بولاية قندهار، وأما عمره فكان عمر الورود حيث لم يتجاوز العشرين ربيعاً، وكان يدرس في الثانوية، وفاتته دروسه أخيراً؛ لأنه اختار الخنادق والجبهات بدل المدارس، ولم يكن بوسعه أن يحضر الدروس.

 

الصمود: ياحبذا لو حكيت لنا عن حياته.

الحاج عبيدالله: قبل فترة من الزمن عندما نبتت لحيته، اشتاق حضور الميادين والجبهات القتالية، فرحل إلى مديرية شاه ولي كوت مديرية قندهار، وساهم في القتال ضد المحتلين الصليبيين، ثم ساهم في الميادين الساخنة في مناطق أخرى، حتى أراد في نهاية المطاف أن ينفذ عميلة استشهادية تشفي غليله.

 

الصمود: عندما أراد ابنكم الغالي تنفيذ العملية الاستشهادية هل أنبأكم عن نيته؟

الحاج عبيدالله: نعم؛ إن الشهيد أحمدالله قبل أن ينفذ عمليته البطولية أنبأني عن قصده وقال لي أريد أن أنفذ عمليتي الاستشهادية، فقلت له: أنا منذ اللحظة الأولى التي ذهبت فيها لتساهم في ميادين القتال كنت قد استودعتك الله؛ بل كنتُ قد استودعتك الله قبل ذلك عندما كنت طفلاً وأرسلتك للدراسة والتعليم أنني، فلو كنتَ تدرس أو تجاهد أو تنفذ العملية الاستشهادية، أو أي عمل يرضي الله، فإنني أجيزك به.

لقد كانت غاية أمنيتي منذ مدة طويلة أن أربّي أولادي على الروح الجهادية، ويكون لهم شوق وهيام لخدمة الإسلام والمسلمين؛ ولأجل ذلك كنت دائماً أطالع دوريات المجاهدين، وأنقل ما على دفتيها لأبنائي كي يستأنسوا بالمجاهدين ويتشوقوا للجهاد، ومن هذا المنطلق كنت أربي أبنائي على هذه الفكرة، وعندما استأذنني ابني للاستشهاد، لم أكن لأتعجب من ذلك، بل غمرني الفرح والسرور والبهجة والحبور، وسمحتُ له، ثم شاورتُ أمه، فسمحت له ودعت له بالخير ليوفقه الله سبحانه وتعالى لخدمة كبيرة ويتقبل شهادته.

ثم لمّا انطلق كي ينفذ عمليته البطولية، اتصل بنا عبر الجوال وتكلم مع جميع أعضاء الأسرة (الأبوين، والإخوان والأخوات)، وكان يتكلم بفرح وسرور بالغين لم أره منه قبل ذلك، وأغدق بكلمات الطمأنينة في قلوب جميع آحاد الأسرة، وشدّ من أزرهم، حيث لم يحس أي أحد بثقل، وهذا من بركة الجهاد والاستشهاد.

ولمّا استقروا في قندوز، كان يتكلم مع عائلته عبر الجوال، ثم بعد 3 أيام نفّذ عمليته البطولية.

 

الصمود: هناك للعدوّ دعايات صباح مساء بأن الذين يقومون بالعملية الاستشهادية يعانون من الأمراض الروحية، أو يحتاجون إلى المال ويقومون بهذا العمل لأسباب مادية، كما أدعى  ذلك أحد الأنجاس في إذاعة آزادي.. فهل كان ابنكم أحمد الله الذي تعرفونه عن كثب لا عن كتب، من المحاجين للمال أم كان يعاني من أي مرض؟

الحاج عبيدالله: كل هذه الدعايات إنما هي دعايات زائفة، قد انتهى تاريخها، ولا يطلقها إلا الذين حرّم الاستشهاديون النوم على أجفانهم. فحياة ابني كانت حياة رغيدة، وقد رزقني الله سبحانه وتعالى مالاً وافراً، وكنت اشتريت له دراجة نارية عندما كان يأتي إلى البيت يركبها، وكنتُ أعطيه مالاً كافياً ولم يكن جيبه فارغاً من المال، ولم يكن محتاجاً لدرهم أو دينار، وأما من حيث الصحة فإنه كان سالماً صحيحاً لا يعاني من شيء وأنا أعرف بولدي من أي أحد. وكان مرهف الحسّ، يقظ الفؤاد في الدروس، وبالجملة كان شاباً قوياً مكتمل الأركان.

أما الحمقى والجهلة فإنهم يتكلمون عن الاستشهاديين بأنهم كيت وكيت، الله يسلم عقلك كيف يمكن أن يهيأ شخص شخصاً آخر لتنفيذ هذه العملية؟، لو كان ذلك بإمكان أحد لكان فعله الأمريكان، ولهيأوا لذلك كثيراً من الناس، وفي الحقيقة الذين ينطقون بهذه الترهات إنما يجهلون عشق هؤلاء الأبطال للجهاد والجنة والحور ومحبتهم لله، وإن إيمانهم ضعيف جداً فتدور هذه الوساوس في أمخاخهم وأفكارهم، فالعمليات الاستشهادية إنما تنفذ من قبل الذين لهم إيمان قوي وعقيدة ناضجة، والذين يضحون في هذا السبيل لهم عقيدة راسخة بالله والقيامة والجنة.

الصمود: بصفتك أبو الشهيد، ما إحساسك بعد استشهاد فلذة كبدكم أحمدالله، وما إحساس أعضاء الأسرة؟

الحاج عبيدالله: الحمدلله ثم الحمدلله، إني راضٍ أن الله سبحانه وتعالى قبل ابني قرباناً في سبيله، الحمدلله أنا منشرح الصدر ولا أحزن ذرّة، وجميع أفراد أسرتي مثلي، ولامكان للهمّ ولا للغم في صدورهم، ونحن جميعاً راضون بقدرالله سبحانه وتعالى، ونرى هذا السكون والاطمئنان من بركة الاستشهاد.