ماذا تعني رسم الخطوط الحمراء قبل أوانها؟!

كلمة اليوم: إن فرع “القصر الرئاسي” في إدارة كابول الذي يسيطر عليه عدد محدد من الأنانيين وعديمي الضمير، قد اشتهر برسم خطوط حمراء جديدة كل صباح ومساء حيال مطالب معارضيها. لكن في الآونة الأخيرة، بدء الفرع الثاني في إدارة كابل والذي يسمى بـ “المجلس الأعلى للمصالحة” يحذو حذو “أرغ – القصر الرئاسي” في رسم الخطوط […]

كلمة اليوم:
إن فرع “القصر الرئاسي” في إدارة كابول الذي يسيطر عليه عدد محدد من الأنانيين وعديمي الضمير، قد اشتهر برسم خطوط حمراء جديدة كل صباح ومساء حيال مطالب معارضيها.
لكن في الآونة الأخيرة، بدء الفرع الثاني في إدارة كابل والذي يسمى بـ “المجلس الأعلى للمصالحة” يحذو حذو “أرغ – القصر الرئاسي” في رسم الخطوط الحمراء، واتخاذ ذلك شغله الشاغل.
فبعد الاتفاق على ضوابط المحادثات الأفغانية، أخذت فِرَق التفاوض استراحة قصيرة لمناقشة جداول الأعمال، عندها أعلن أسد الله “سعادتي” نائب رئيس مجلس المصالحة بإدارة كابول، عن خط أحمر يتعلق بجدول الأعمال قبل أوانه، قائلاً: “إن بقاء النظام الجمهوري في البلاد خط أحمر لا يمكن المساومة عليه إطلاقاً”.
وأضاف أسد الله “سعادتي” للصحفيين في كابول أمس: “إن طالبان تحدثت إلى الآن عن (النظام الإسلامي) حسب رغبتها، لكنها لم تقدم تفاصيلها”. وحسب قوله: “باستثناء النظام الجمهوري، لا شيء يمكن قبوله ولا يوجد أي بديل له”.
من وجهة نظر “سعادتي”، يُعْتَبَر وقف إطلاق النار وبقاء النظام الجمهوري من بين البنود المدرجة على جدول أعمال فريقه التفاوضي، والتي يسميها هو بـ “الخطوط الحمراء”، ولذلك فإنه يرى بأن تحقيق السلام في أفغانستان ربما يكون صعباً!!
إن رسم الخطوط الحمراء قبل أوانها ليس أنه لا يساعد في حل المشكلة فحسب، بل قد يضيف مزيدا من التعقيد إلى عملية التفاوض، مما يجعل الشعب محبطا.
فقد تشكلت فرق التفاوض من أجل الوصول بهذا النزاع “طويل الأمد” إلى نتيجة إيجابية من خلال المفاهمة والنقاش، ولوكان بمقدور استخدام القوة بسواعد الأجانب أو الدعاية الإعلامية أو الخطوط الحمراء المهترئة إيجاد حل لقضية أفغانستان، فإن جميعها قد تم تجربتها من قبل إدارة كابول طيلة الأعوام الـ 20 الماضية، لكنها لم تجدي شيئاً.
لكن الأهم في الأمر، هو محاولة البحث عن إيجاد حل للمأساة الطويلة للشعب الأفغاني المسلم المضطهد من خلال المفاوضات، وليس البحث عن الحفاظ على المصالح المؤقتة لسلطة كابول.
لو يقصدون بالنظام الجمهوري، النظام المفروض على بلادنا منذ عشرين عامًا، الذي يحرز كل عام الصدارة في الفساد على مستوى العالم؛ فهو إذن غير جدير أصلاً بأن يعتبر خطاً أحمراً لإخلال المفاوضات.
أما وقف إطلاق النار فإنه يَهُم الإمارة الإسلامية أكثر من غيرها؛ لأن أكثر الأطراف تضررا في الحرب هم المجاهدون، لكن الذي تسعى إليه الإمارة الإسلامية هو ذاك النوع من وقف إطلاق النار الذي يؤدي إلى نتيجة تُنْقِذُ بلادنا من الاحتلال ومن فلول الاحتلال ومُخلَفاته. وسيكون هذا النوع وقفٌ دائمٌ لإطلاق النار في البلاد، لا أن يكون وقفا موقتا، بحيث يكون المجاهدون محصورين في الجبال وسلطات كابول تتفرغ بأيدٍ طليقة للعبث في الأرض والفساد في الحكم، ومن ثَمّ يتمادوا في رسم الخطوط الحمراء ضد السلام أكثر فأكثر.
الحقيقة هي أنه لا الحفاظ على النظام الجمهوري الحالي ولا تطبيق وقف إطلاق نار مؤقت سينهيان مأساة أفغانستان، بل على العكس فإنهما سيطيلان المأساة وسيعقدان القضية أكثر.
لقد صرحت الإمارة الإسلامية بأنها تريد فقط استقلال البلاد والتطبيق الكامل للشريعة الإسلامية فيه، مهما يكن شكل النظام.
إن من يسمون أنفسهم مسلمين ولا يفهمون حقيقة النظام الإسلامي ويطالبون بتوضيحات حول ذلك، فتلك مشكلتهم الخاصة، وليس أن النظام الإسلامي لا يمكن أن يحل محل النظام الجمهوري الفاسد القائم في كابول.
يجب ترك عملية المفاوضات لفرق التفاوض، فالخطوط الحمراء في وسائل الإعلام تعيق تقدم المفاوضات وتعرقل العملية برمتها.