المتن الكامل لبيان رئيس المكتب السياسي لإمارة أفغانستان الإسلامية في مؤتمر أوسلو

نحمده ونصلي علی رسوله الکریم اما بعد: اعوذ بالله من الشیطان الرجیم بسم الله الرحمن الرحیم ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ  وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ  وَاتَّقُوا اللَّهَ  إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ). المائده (۸ صدق الله العظیم. قبل أن أشرع فيما يتعلق بأجندة هذا المؤتمر، أود […]

نحمده ونصلي علی رسوله الکریم اما بعد:

اعوذ بالله من الشیطان الرجیم

بسم الله الرحمن الرحیم

) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ  وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ  وَاتَّقُوا اللَّهَ  إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ). المائده (۸ صدق الله العظیم.

قبل أن أشرع فيما يتعلق بأجندة هذا المؤتمر، أود أن أصحح للأفغان الحاضرين المفهوم الخاطئ الذي يعتقده الكثيرون، وذلك أن إمارة أفغانستان الإسلامية تقوم بالمحادثات مع الأجانب ولا تفعله مع الأفغان.

فإن الإمارة الإسلامية منذ خمس سنوات شرعت في إجراء سلسلة من اللقاءات مع جهات أفغانية ووجهاء أفغان من أجل تحسين الأوضاع واستقرارها، ولازالت هذه السلسلة مستمرة. أما بالنسبة لعدم حصول أي لقاء مع إدارة كابل، فذلك لأن إدارة كابل ليس لها من الأمر شيء في المسائل المهمة، وإن الطرف الرئيسي في معضلة أفغانستان والعامل الأساسي في هذه المشاكل هم الأمريكيون وحلفاؤهم المحتلون، وهذة حقيقة لابد أن يعترف بها، ولهذا فإني أريد أن أخاطب المحتلين بلسانهم.

أيها الحضور الكريم! أقول وبأسف بأن اثنين من كبار زملائنا (المولوي شهاب الدين دلاور، والقاري دين محمد حنيف) اللذاين كانا من المتوقع حضورهما في هذا المؤتمر قد عجزا عن الحضور بسبب وجود اسميهما في القائمة السوداء.

والآن أتطرق لصلب الموضوع…

أيها الأعزاء! بالنظر إلى تاريخ أفغانستان الحديث يتضح أن حركة طالبان الإسلامية إنما نشأت في الساحة لحفظ أنفس المواطنين وأعراضهم وأموالهم، ونجاة البلد من التجزئة والإنقسام، والقضاء على التشرذم والتحزب في البلد.

إن حركة طالبان كانت حركة أفغانية منبثقة من أوساط الشعب، تستمد قوتها من مؤازرة الشعب لها ودعمه، ولذلك نجحت في إعادة الأمن والسلام إلى مناطق كثيرة في البلد وفي وقت يسير، فصانت الدماء والأعراض والأموال، ومنعت زراعة المواد المخدرة وتهريبها، وحفظت البلد من التمزق والانقسام، وأوجدت نظاماً إسلامياً قوياً ومتماسكاً في البلد؛ لكن منذ بزوغ هذه الحركة تضامنت معها دعايات سلبية من قبل جهات وحلقات مختلفة، وعُرقِل مسير تقدمها بذريعة وأخرى، إلى أن هاجمت أمريكا على أفغانستان واحتلتها دون أي مسوغ.

وفي سنوات الاحتلال الأربع عشرة الماضية اتخذت أمريكا استراتيجية عسكرية بشعة ضد الشعب الأفغاني والمجاهدين، راحت ضحيتها آلاف الأفغان الأبرياء بين شهيد وجريح ومصاب بأنواع من الأمراض بسبب استخدام الأسلحة الكيماوية، وهؤلاء لم يكن لهم أية صلة ولا علاقة بأحداث سبتمبر.

كما اعتقلت عدداً كبيراً من المواطنين الأبرياء في معتقلات بجرام، وغوانتنامو، وغيرهما من السجنون الظاهرة والخفية، وأذاقتهم أشد أنواع التعذيب، واحتجزتهم في السجون لسنين عديدة، دون عرضهم على القضاء، حيث مازال عدد كبير منهم يقضون حياتهم خلف القضبان في غياهب السجون.

وهدمت الديار والمنازل والمزارع، وأهانت المقدسات الدينية، وانتهكت حرمة أجساد الشهداء الطاهرة، وقصفت الجنائز، ومجالس العزاء، ومحافل الزفاف والأعراس، لكن سياسة الظلم والعدوان هذه لم تجْن للأمريكيين وحلفائهم سوى القتل والدمار، ولم يحققوا مصلحة غير الإجرام ضد الإنسانية في أفغانستان.

ومن جهة أخرى فإن أمريكا باحتلال أفغانستان تورطت في معركة طويلة الأمد، فإلى جانب تكبيدها خسائر بشرية، تكبدت خسائر مادية باهظة أيضا، حيث لم تتقصر آثارها على أمريكا فحسب، بل ا متدت إلى العام بأسره، وعرضته للركود الاقتصادي، كما أضرت أمريكا في الجانب السياسية بمكانتها العالمية.

فشطبت بنفسها على ادعاءاتها الضخمة السابقة فيما تتعلق بحفظ حقوق الإنسان والدفاع عنها، وبقيت خططها الإستعمارية قصيرة المدى وطويلة المدى ناقصة. وإن هذه السياسة لو استمرت على هذا المنوال؛ فلن تحقق أمريكا شيئاً، وإلى جانب إلحاق خسائر بالأفغان، فستلحق أيضا خسائر فادحة بنفسها وحلفائها كما في السابق، وقد لا تنجبر.

وإن الدول الإحتلالية لو تكون راغبة حقاً في تغيير الوضع في أفغانستان، فعليها قبل كل شيء إيجاد مخطط مبني على الحقائق، وأن يعترف بالحق المشروع للشعب الأفغاني ألا وهو “الحرية، وبناء نظام وفق رغبتهم وإرادتهم، وذلك لان الأمن والسلام إنما يتحقق عند تحقق العدالة، ومن يريد الأمن في أفغانستان فليعلم بأنه لن يتحقق في ظل الظلم والعدوان والاحتلال، والإمارة الإسلامية ترى إنهاء الاحتلال، وتؤمن بالحل السلمي للمشاكل الأخرى.

وإن السلام ضرورة كل شعب، وكل دولة، وفي العموم ضرورة أولية لكل إنسان، وبدونه يستحيل العيش الآمن، والتطور الاقتصادي، والتعليمي، والثقافي، والاجتماعي، والسياسي في المجتمع.

إن الأفغان ليسوا عشاق الحرب، ولا يريدونها، وليس لهم يد في أية أعمال تخريبية ضد أية حكومة أو أي شعب في العالم؛ لكن في المقابل فالأخرون دائما هاجموا على أرض الأفغان وبلادهم.

شعب أفغانستان شعب يعشق دينه ووطنه، وطيلة التاريخ دافعوا عن بلادهم وقيمهم الوطنية، وهم الآن كماضيهم يدافعون عن حقوقهم بجدارة وبسالة.

إنهم يعترفون بأصول المعاملة بالمثل، ويطالبون التعاون في مجالات الحياة الاقتصادية، والتعليمية، والاجتماعية، والثقافية.

إن إمارة أفغانستان الإسلامية قوة منبثقة من أوساط شعبها، وقد استخدمت الطرق العسكرية والسياسية في سبيل الدفاع عن وطنها، وإنهاء الاحتلال، والقضاء على الحرب المفروضة عليها، كل ذلك من أجل تأسيس نظام إسلامي يحتضن جميع أطياف الشعب الأفغاني، وأن يكون ضامناً للعدالة، والأمن، والاستقرار، والتطور، والإزدهار الاقتصادي، ليكون ذلك ثمرة تضحيات الشعب ونضاله.

وفي عام 2010 م أظهرت الإمارة الإسلامية للمرة الأولى استعدادها للتفاوض مع الولايات المحتدة وفقاً لإعتماد التفاوض من قبل زعيمها أمير المؤمنين الملا محمد عمر مجاهد من أجل الحل السلمي، وكسباً للثقة بين الطرفين تمت مناقشة المواضيع التالية:

  • تبادل الأسرى.
  • إبطال القائمة السوداء وقائمة الجائزة.
  • فتح مكتب سياسي.

إلا أن إدارة كابل هي التي عرقلت تنفيذ هذه الأمور، وذلك حينما حصلت الموافقة على فتح المكتب السياسي عام 2011 م، وكان توافق مبادلة الأسرى غوانتانامو على وشك التمام، إذ قامت إدارة كابل باستدعاء سفيرها من دولة قطر احتجاجاً على هذه القرارات.

ومرة أخرى في عام 2013 م حينما افتتح المكتب السياسي للإمارة الإسلامية، احتجت إدارة كابل معترضة على رفع العلم واستخدام اسم الإمارة الإسلامية، واعتبرت ذلك بمثابة حكومة موازية لها، وقد وافقتها أمريكا على هذه الذرائع اللا معقولة، وقد أدت إلى إغلاق المكتب، وإيقاف المشروع .

ولأجل تحقيق الحل السلمي لابد لأي مشروع ممكن أن يشتمل على مطالب الشعب الرئيسية وهي: إقامة نظام إسلامي، وإنهاء الاحتلال، وإزالة العقبات المذكورة آنفاً.

ونظراً لما ذكر من التفاصيل، فإنه يمكننا القول بأن أمريكا هي الطرف الرئيسي في معضلة أفغانستان، لذلك فإن التفاوض مع إدارة كابل دون أمريكا أمرٌ لا طائل من ورائه.

إمارة أفغانستان الإسلامية تؤمن بجميع حقوق المرأة التي منحها الإسلام لها، وإن المرأة هي بانية المجتمع الإسلامي، يقول صلى الله عليه وسلم: “خيركم خيركم لأهله”.

وإن الإمارة الإسلامية تتعهد بالقضاء على جميع تلك العادات والتقاليد التي تخالف الدين الإسلامي وتمس كرامة المرأة وتضر بها، وتسعى في بناء مجتمع مصون يضمن حياةً آمنة للمرأة.

وتعتبر إمارة أفغانستان الإسلامية نفسها مسؤولة عن جميع الحقوق الإنسانية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية لكل أفغاني، ومن أجل ذلك ناضلت وتناضل.

كما أن للإمارة الإسلامية استراتيجية واضحة لمنع وقوع خسائر في صفوف المدنيين، ولائحة تخص ذلك، حيث نشرته في وقته، وأبلغتها لجميع مجاهديها، ووضعت لهم قوانين مشددة لتطبيقها.

لا ترغب الإمارة الإسلامية أبداً أن تحرق مواطنيها في لهيب نيران الحروب، فهي قوة منبثقة من الشعب وللشعب، فكل ضرر يلحق بأي فرد من شعبها فهو بمثابة إلحاق الضرر بها.

ومن جهة أخرى في إن الإحصائيات الأخيرة تشير بأن الجيش الأمريكي لوحده قتل وأصاب ما يقارب مائتي ألف شخصٍ في أفغانستان خلال سنوات الاحتلال الأربع عشرة، ومازالت سلسلة هذه الجرائم من القتل والإصابة مستمرة.

وتعد الإمارة الإسلامية بناء مؤسسات النفع العام والمحافظة عليها أمراً ضرورياً لابد منه، وتعتبر الجسور، والأنفاق، وسدود المياه، ومحطات الكهرباء، ومراكز توليدها، واستخراج المعادن، وشركات استخراج النفط وتصفيته، والإدارات التعليمية، والمدارس، والمساجد، والثانويات، والجامعات، والمراكز الصحية، والمستوصفات، والمستشفيات حقاً مشتركاً للشعب، وترى المحافظة عليها من مسؤولياتها، وإن سماحة أمير المؤمنين دائما ما يؤكد الحفاظ على أرواح، وأعراض، وأموال الناس، وتأمين ممتلكاتهم العامة.

وتؤكد الإمارة الإسلامية مرة أخرى على سياستها للدول الجوار، والمنطقة، ودول العالم بأسره، بأنها لا تنوي أبداً أن تضر بدولة ولا بسكانها، كما لن تسمح لأحد أن يستخدم أرضها للإضرار بالإخرين والنيل منهم.

ومن جهتها ترجو أيضا المعاملة بالمثل من دول العالم، وتؤكد على العلاقات الودية مع الآخرين، وترحب بمساعدات جميع الدول التي تهدف لتطور أفغانستان ورقيها، وتسعى في تحقيق الرفاهية للأفغان.

ولا تريد الإمارة الإسلامية أن تتحول أفغانستان إلى حلبة الصراع بين الدول، ولأجل الحل السلمي والاستقرار فإن الإمارة الإسلامية مستعدة لمساعدة أي دولة تواصل معها مسير التفاهم والتفاوض دون التدخل في الشؤون الداخلية لأفغانستان.

أيها الحضور الكريم!

والآن أجلب انتباهكم لمسؤوليات المجتمع الدولي:

على المجتمع الدولي، وأمريكا، ودول الجوار أن تعترف بجميع الحقوق المشروعة للشعب الأفغاني السياسية منها والاجتماعية، إضافة على استقلال أفغانستان وحق الدفاع عن النفس.

وعلى المجتمع الدولي أن تلعب دوراً حيادياً وإيجابياً في إعادة الأمن والاستقرار والسلام، مع مراعاة الحقائق على أرض الواقع.

وعلى أمريكا ودول الجوار مع الأخذ في الحسبان الحقائق بأن تحترم وحدة الإمارة الإسلامية واستقلالها ، وبقدر ما يضطهد الناس بذاك القدر تحيى فيهم روح الحرية والإباء، فنظرا لما سبق ينبغي لأمريكا وغيرها من الجهات المعنية أن تقوم بخطوات إيجابية تجاه الموضوعات التالية:

  1. لابد من وجود مكتب للتفاوض وإقامة العلاقات، ولابد من أن يكون للإمارة الإسلامية الحق في تسمية هذا المكتب باسم (المكتب السياسي لإمارة أفغانستان الإسلامية)، ورفع علمها عليه.

هذا المكتب لابد أن يكون العنوان الثابت للتفاوض وإقامة العلاقات مع الأجانب، والأفغان، والمنظمات الدولة، وجمعيات حقوق الإنسان، ولابد أن يكون للإمارة الإسلامية حق الاستفادة من وسائل الإعلام؛ لأجل أهدافها السياسية، كما يجب ألا يكون المكتب مرتبطاً بالتفاوض، لأن المفاوضات قد تنجح، أو تفشل، أو تؤخر وتؤجل.

وإن مسؤولي الإمارة الإسلامية الذين يريدون القدوم إلى المكتب لأجل مناقشة بعض المواضيع المتعلقة بحقوق الإنسان أوالصحة أوغيرها، فلابد أن يكون لهم حق الذهاب والإياب الآمن.

  1. مشروع السلام، والقائمة السوداء، وقائمة الجوائز وغيرها من القوائم كلها عناوين متناقضة، لذا فعلى منظمة الأمم المتحدة وأمريكا محو أسماء القيادات وبقية الأعضاء بالإمارة الإسلامية من هذه القوائم، لأن من ضروريات المشاريع المتبادلة أن يتمكن جميع الأطراف من التجوال بحرية وأمان.
  2. الأمريكيون غير متعهدين لوعودهم وللأصول الدولية، وعلى سبيل المثال أشير إلى ما يتعلق بالمفرج عنهم من المعتقلين من غوانتانامو:

فإن الخمسة من كبار زملائنا الذين تم تبادلهم مع الجندي الأمريكي “برجدال”، وأطلق سراحهم من معتقل غوانتانامو، وبدؤوا العيش في دولة قطر وفق بنود المعاهدة، هاهم قد قضوا سنة كاملة، لكن رغم ذلك عليهم القيودات، والتي كانت من المفترض رفعها بمضي السنة؛ لذلك فإن الإمارة الإسلامية تقول للأمريكيين بجدية أن يفوا بوعودهم، وأن يلتزموا بالأصول والقوانين الدولية، ووفق الاتفاق المسبق بأن لا يخلقوا العقبات في سبيل حرية هؤلاء الأسرى.

  1. كما أقرت أمريكا في بنود المعاهدة على السماح لأقارب هؤلاء المفرج عنهم من المعتقلين ورفاقهم بزيارتهم في دولة قطر، لكن حينما قدم (أنس حقاني وزميله) للقاء قريبهم، وعند عودتهم من دولة قطر ألقي القبض عليهما من قبل الأمريكيين في صالة الترانزيب في البحرين، وتم تسليمهما إلى إدارة كابل.

ثم ادعت إدارة كابل كذباً وزوراً بأنها ألقت القبض عليهما خلال عمليات عسكرية في ولاية خوست، لذلك فإننا ننوه بأن الأمريكيين لا عهد لهم ولا ذمة، ولا يراعون الأصوال والقوانين الدولية، وقد أبلغنا القضية لمندوب الأمم المتحدة عدة مرات.

وإننا نطالب أمريكا، والأمم المتحدة وبقية الجهات المعنية أن تخطو خطوات جادة في إطلاق سراح هؤلاء وبشكل عاجل. وشكراً