بيان أمیرالمؤمنین الشیخ المولوي هِبة الله آخندزاده _حفظه الله _ ورعاه بمناسبة حلول عيد الفطر السعيد لعام ۱۴۴۲هـ

بسم الله الرحمن الرحیم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده ورسوله. صلى الله وسلم عليه وعلى آله و أصحابه أجمعين ومن […]

بسم الله الرحمن الرحیم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده ورسوله. صلى الله وسلم عليه وعلى آله و أصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:

قال الله تعالی : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴿٧۷﴾ سورة محمد 

 

إلی الشعب الأفغاني المؤمن المجاهد، و إلی المجاهدين في خنادق القتال، و إلی کافة المسلمين في العالم!

السلام علیکم ورحمة الله و برکاته!

أهنئکم جميعا من صميم الفؤاد بحلول عيد الفطر المبارک، وأسأل الله تعالی أن يتقبل منکم الصيام ، والعبادات والدعوات. آمين

يسعدني أننا نحتفل بفضل الله تعالی بهذا العيد في وقت يقف فيه بلدنا علی أعتاب الحرية الکاملة والاستقلال، و تقترب فيه بنصرالله تعالی آمال و تطلعات الشهداء، والأيتام، والأرامل، والمهاجرين، و جميع الشعب المضطهد من جهاده لعشرين سنة الماضية  من التحقق بإن الله تعالی.

أسأل الله تعالی أن يتقبل منا جميعا هذا الجهاد الطويل والإرهاق والتضحية والتفاني، و أن يتفضل علينا عوضا عنها بالحياة المسقلة والمزدهرة في ظل إقامة نظام شرعي کامل ليزدهر البلد، و نعيد بناء ويلات الحرب، و نضمد الجراح، و نريح الشعب من المعاناة، و نطبق الشريعة الإسلامية الغراء.

 و من الواجب أن نقدُر في هذا الطريق صبر شعبنا المنکوب و شجاعته، و أن نشيد بتضحيات و بسالة إخواننا المجاهدين، و نثني علی تضحيات الأسری والجرحی والمعاقين والأيتام. أن ندعوالله تعالی أن يتقبُل کلُ ذلک من الجميع.

أيها الشعب العزيز!

إن بلدنا بعد حصولنا علی الاستقلال بأمسُ حاجة إلی إعادة البناء والوقوف علی الدعائم القوية الثابتة، فلنشارک جميعا بإخلاص في إعادة إعمار البلد، لنحظی جميعا ببلد عامر و مزدهر في ظل نظام قائم علی الشريعة الإسلامية. فلنتجاوز جميعا المصالح والطموحات الشخصية لتحقيق هذا الأمل، و أن نجعل القيم الإسلامية والمصالح الوطنية هي المعيار، و أن نکون شعبا قويا و موحُدا من خلال التسامح والتراحم في ما بيننا.

نؤکدّ لشعبنا کله أنه بعد انتهاء الاحتلال سيقام نظام إسلامي شامل تری فيه جميع أطياف الشعب نفسها بناء علی ما تمتلک من المؤهلات والکفاءات، ولن تُهضم فيه حقوق أحد إن شاءالله تعالی.

إنني أدعو مرّة أخری الأفغان الواقفين في الجانب المقابل إلی عدم بذل المزيد من الجهود لمواصلة الحرب. فهذا البلد هو الموطن المشترک للأفغان، ويجب أن نجتمع علی أحکام الإسلام، و أن نتجنّب کل الخلافات والعصبيات. إن حضن الإمارة الإسلامية منفتح أمام جميع الأفغان الذين عارضونا في الماضي. إننا نمدّ إليهم يد التسامح والتقارب، و ندعوهم إلينا للسير معا علی طريق الحق، لأنّه لا شيء يُصنع من التعنت والعداء والکراهية. و علی النقيض من ذلک فإن الأمم تنال الشرف و العزّ من خلال التسامح و قبول الحق.

إننا نعتبر سحب أمريکا والدول الأجنبية الأخری لجميع قواتها من أفغانستان خطوة جيدة، ونطالب بقوة لتنفيذ جميع أجزاء اتفاق الدوحة.

لسوء الحظ انتهکت أمريکا حتی الآن الاتفاقية مرارا وتکرارا، و ألحقت خسائر شخصية و مالية فادحة بالمدنيين.

و في مخالفة لما تمّ عليه التعهد لازال باقي المعتقلين الذين کان من المفترض الإفراج عنهم بعد ثلاثة شهور من بدء المحادثات لم يتمّ الإفراج عنهم بعد، و لم يتم شطب أسماء مسؤولي الإمارة الإسلامية من القائمة السوداء و قائمة الجوائز. و مؤخرا ارتکب الجانب الأمريکي مخالفة أخری تتمثل في تمديد فترة سحب القوات الأجنبية من شهر مايو إلی شهر سبتمبر، فيما أوفت الإمارة الإسلامية بجميع التزاماتها، و وفّت بوعودها وفق الشريعة الإسلامية.

إننا نعيد التأکيد علی أنه يجب القيام بکلّ شیء وفقا لاتفاقية الدوحة، و يجب بشکل جدي تجنب المزيد من الأعمال الاستفزازية والانتهاکات. و إذا لم تفِ أمريکا بوعودها فيجب علی العالم أن يشهد أنّ أمريکا هي ستکون مسؤولة عن العواقب. والإمارة الإسلامية ستدافع عن حريّتها و استقلالها بأي ثمن کما أثبتت ذلک خلال العشرين عاما الماضية.

تسعی إمارة أفغانستان الإسلامية إلی إقامة علاقات جيدة و إيجابية مع العالم والمنطقة والدول المجاورة من أجل تعزيز الازدهار المتبادل والسلوک الجيد من أجل علاقات التعاون و ازدهار الشعوب و تنميتها من خلال التفاعلات الإنسانية و الدبلوماسية مع بعضها البعض في المجالات ذات الصلة في إطار مبادئ الشريعة الإسلامية.

تطمئن الإمارة الإسلامية الجميع بأنّه لن يتضرّر أحد من الأراضي الأفغانية، و تطالب الجميع بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأفغانستان.

إننا ندعو مؤسسة الأمم المتحدة والدول الأخری ذات المصلحة إلی الحفاظ علی الحياد التامّ حيال قضية أفغانستان، و ألا  تقوم بما يخالف حياة الشعب الأفغاني و معتقداته و تفکيره و ما يستوجب رد الفعل من قِبل هذا الشعب.

و يجب أن نقول أنّ تجربة السنوات الثلاث والأربعين الماضية أثبتت أنّ شعبنا لا يتسامح مع الأفکار والمعتقدات المفروضة من أحد. و من حق هذا الشعب أن يعيش أساس دينه و معتقداته و قيمه و مبادئ ثقافته، فيجب علی العالم بأجمعه بما فيه مؤسسة الأمم المتحدة أن يعترف بهذا الحق و يحترمه.

إن المحادثات والتفاهم هما من أولوياتنا، ولذلک قمنا بتعيين فريق محادثات قوي لإجراء محادثات أفغانية بين الأطراف المتنازعة، ولکن علی العکس من ذلک حاولت إدارة کابول مرارا وتکرارا تخريب العملية الحالية بشتی الطرق.

إنّ الإمارة الإسلامية جانب مهم في القضية، فلا ينبغي لأحد أن يقارننا بمن تُتّخذ قراراتهم في مکان آخر ثم يتمّ إعلامهم بها فقط. إن أيّ عملية سياسية تتعلق بحل قضية أفغانستان و تُتوقع فيها مشارکة الإمارة الإسلامية فيجب أن يتم إعلام الإمارة الإسلامية بجميع التفاصيل مسبقا، لتقوم بتقييمها وفق قيمها الدينية و فق مصالح شعبها العليا، و تُتّخذ القرارات اللازمة بشأنها، لأنّ الأهداف السامية التي قدّم من أجلها شعبنا تضحيات کبيرة مهمّة بالنسبة لنا.

أرجو من العلماء والشخصيات السياسية والوطنية و جميع النخب التکاتف من أجل إقامة و تطوير نظام إسلامي خالص في البلد، و أن يعملوا من أجل وحدة الشعب و قوته و تثبيت دعائمه، و الإمارة الإسلامية تقدّر جهودهم، و تحتاج بشدة إلی استخدام مواهبهم و قدراتهم في إقامة و تقوية نظام المستقبل.

تطمئن الإمارة الإسلامية شعبها کله و بخاصة رجال الأعمال والمستثمرين بأن أرواح الجميع و ثرواتهم و شرفهم سيکون في أمان، ليس هذا فحسب، بل ستوفّر لهم الفرص والأسس المناسبة للتشغيل والعمل.

إن المناطق الخاضعة لسيطرة الإمارة الإسلامية تنعم بالأمن المستقر، و حقوق الناس فيها مصونة من الانتهاک، ولا أحد يستطيع أن يضطهد الناس، و قد سُدّت الطرق أمام اللصوص و قطاع الطرق والمفسدين. و لقد تمّ العمل قدر المستطاع في المجالات التعليمية والصحية والإصلاحية والعمرانية والثقافية، ولاتزال هذه المجالات تحظی بمزيد من الاهتمام.

تقوم الإمارة الإسلامية بحماية جميع المشاريع والمرافق والممتلکات العامة، و تسعی جاهدة من أجل تطويرها و تقويتها و تنميتها، و توصي جميع المجاهدين وعامة المواطنين بمراقبة الأماکن العامة و حمايتها بصرامة، و ألا يسمحوا لاحد بإتلاف أو تدمير أي مکان.

إن التعليم مطلب مهم لرفاهية الجيل القادم وللبلد، و يمکن لکل شعب أن يزدهر من خلال التعليم. تدعم الإمارة الإسلامية عملية التعليم الإيجابية، وقد أنشأت هيئة خاصة لتحقيق هذا الهدف. تعتبر الإمارة الإسلامية رعاية المدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية الأخری و تطويرها من أهم أهدافها، و لذلک يجب علی الشعب کله أن يولي اهتماما خاصا بالتعليم الإيجابي لأبنائه، و أن يرعی المؤسسات والمراکز التعليمية، و أن يقوم بأداء مسؤوليته تجاهها.

إن لحوق الخسائر والأضرار بالمدنيين في الحروب أمر محزن و مؤسف للغاية، والإمارة الإسلامية لديها هيئة خاصة ذات صلاحيات لدرء وقوع الخسائر بين المدنيين. و يجب علی المجاهدين والمواطنين أن يساعدوا تلک الهيئة مساعدة شاملة بهدف منع وقوع الخسائر أثناء العمل الجهادي، و أن تقدّم تعويضات بالقدر المستطاع في حال تعرض أحد للأذی، و أن يُمنع وقوع حوادث مماثلة في المستقبل. و ندعو الجانب المقابل أيضا إلی الامتناع عن قتل المدنيين و مضايقتهم وإساءة معاملتهم.  ولسوء الحظ يُشاهَد أنّ مواطنينا المدنيين تلحق بهم الخسائر فيما يقوم به الجانب المقابل من الجهمات والقصف الجوي الأعمی والهجمات الصاروخية والهجمات الأخری، و کل هذه أمور لا تطاق ولا يُتغاضی عنها بحال من الأحوال.

يجب علی الإخوة المجاهدين أن يعاملو شعبهم بلطف ورفق، لأنّ هذا الشعب قد تعب و عانی کثيرا من المعاناة، فيجب أن نتعاطف معهم جميعا، ولا يجوز أن يقع منکم الاضطهاد لأحد في أي مکان، و إن وقع عليکم من أحد ظلم فينبغي لنا جميعا أن نتحلی عليه بالصبر و أن نتاساه طلبا لمرضاة الله تعالی. و يجب أن نکون أکثر تسامحا بهدف تحقيق السلام والوحدة والأمن في البلد، و أن نقدّر شعبنا، وننتبه إلی إصلاح أعمالنا الشخصية، و حافظوا علی أداء الصلوات بالجماعة، و ابتعدوا کل الابتعاد عن الذنوب. و بما أنکم علی أعتاب النصر بإذن الله تعالی فابتعدو عن التکبر والغرور، بل يجب علينا أن نشکر الله تعالی، و نعود إليه أکثر فأکثر، و أن نکثر منه الاستعانة و نزيد عليه من التوکل والاعتماد.

و أخيرا، أودّ أن أهنّئ مرّة أخری الشعب ّأسره بمناسبة عيد الفطر السعيد، و أرجو من المواطنين الأغنياء والموسرين أن يساعدوا الفقراء والأيتام والمعاقين والمحتاجين في هذه الأيام والليالي المبارکة و بخاصة في هذا العام الذي يعاني فيه البلد من موجة الجفاف و يواجه شعبنا المعاناة، و وباء کورونا مأساة کبيرة أخری يعاني منها شعبنا، و لذلک يجب علينا أن نتواصل مع هذا الشعب الفقير. و کذلک يجب علی المؤسسات الخيرية والجهات المانحة والمنظمات الدولية أيضا أن تولي مزيدا من الاهتمام بالناس، و أن تتعاون معهم کل أنواع التعاون.

والسلام عليکم ورحمة الله تعالی وبرکاته.

زعيم الإمارة الإسلامية أمير المؤمنين المولوي هبة الله آخوندزاده

۲۷/۹/۱۴۴۲هـ ق

۱۹/۲/۱۴۰۰هـ ش

2021/5/9م