شهداؤنا الأبطال: نظرة خاطفة إلى حياة الشهيد المولوي عبد الحق تقبله الله

نصيب زدران   الميلاد والنشأة: أبصر شهيدنا المغوار الحافظ لكتاب الله ، المولوي عبد الحق بن الحاج سبيل الرحمن بدار الهجرة في منطقة همزوني عام 1367هـ.ش، من قبيلة زدران مديرية زيروك بولاية بكتيكا. تميَّز شهيدنا بصمته وهدوئه، وقد كانت علاقته بوالديه علاقة طيبة جداً، أساسها الحب والحنان والعطف، وأيضاً كان حسن الطباع، عطوفاً حنوناً على […]

نصيب زدران

 

الميلاد والنشأة:

أبصر شهيدنا المغوار الحافظ لكتاب الله ، المولوي عبد الحق بن الحاج سبيل الرحمن بدار الهجرة في منطقة همزوني عام 1367هـ.ش، من قبيلة زدران مديرية زيروك بولاية بكتيكا.

تميَّز شهيدنا بصمته وهدوئه، وقد كانت علاقته بوالديه علاقة طيبة جداً، أساسها الحب والحنان والعطف، وأيضاً كان حسن الطباع، عطوفاً حنوناً على إخوته وزملائه.

درس شهيدُنا المجاهد الكتب الابتدائية لدى إمام حي المسجد، ثم التحق بالمدرسة العصرية كي يبقى 6 سنوات فيها. ثم بدء الدروس الدينية من جديد وتعلم عاما لدى أخيه الأكبر، ثم سافر وهاجر للعلم، فحفظ القرآن الكريم في مدرسة الشيخ جلال الدين حقاني رحمه الله (منبع العلوم)، فمكث نحو 3 أعوام حتى حفظ القرآن الكريم بالتجويد وأخذ سند الفراغ. وقرأ الكتب حتى الدرجة الثانية في تلك المدرسة ثم رحل إلى إيالت خيبر بختونخوا، فقرأ السنة الأولى من الشهادة العالمية في مدرسة منهاج العلوم لدى الشيخ معلم جان، ثم التحق بجامعة دار العلوم حقاني أكوره ختك لإكمال الشهادة العالمية السنة الثانية، وفي نهاية هذا العام وضع على رأسه درجة الشرافة، وتخرج من هذه الجامعة العريقة، وكان خلال تلك الفترة التي قضاها في طلب العلم يتحلى بالعديد من الصفات التي كسب بها حب جميع الطلاب، فقد كان صاحب قلب أبيض طيب لا يعرف الحقد أو الحسد، يحب مساعدة الآخرين دون أن يطلبوا منه ذلك.

 

الخدمات والمسؤوليات الجهادية:

وبعد أن أكمل الشهيد العلوم الدينية، دخل معسكر التدريب وبات يتعلم الفنون العسكرية، ومرَّ الشهيد البطل في عمله الجهادي وتدرج بالعديد من المراحل حتى صار أستاذًا ومدربًا ولا سيما في الاستخبارات.

وبرع في الخدمات الجهادية في كتيبة “لشكر بدري” الاستشهادية، وأدى وظائفه على أكمل وجه، وفي عام 2013م صار مراقب جميع مراكز تدريب الكتيبة المذكورة، وأجرى دورات شرعية للمجاهدين، وبقي نحو عامين على هذه المسؤولية والمجاهدون ينهلون من ينابيعه العذبة. ثم صار فيما بعد نائب الحلقة الثالثة للمجاهدين الاستشهاديين في “لشكر بدري”، وقام قيام الأبطال الصناديد، ثم أدى وظائف مختلفة في كتيبة الاستشهاديين، وكان ترتيبه وتنسيقه في غاية الروعة، وكان يساهم في العمليات وشارك رحمه الله في العديد من المهارات الجهادية وجاهد الاحتلال وأبدع. وكان رحمه الله يتهمّ بالسلوك والعرفان، ويهتم بأن يكون عمله خالصًا لوجه الله.

يقول المولوي ياسررفيق درب الشهيد: أذكر تمامًا بأنّه كلما صعب أمرٌ في كتيبة الاستشهاديين، كانوا يقدمون الشهيد لحله، فكان يقضيه بأحسن وجه. وكان الشهيد رحمه الله له هيام وغرام شديدين بالنسبة إلى الجهاد، فكان في الإجازات يدخل ميادين القتال في موطن آبائه بمديرية زيروك بولاية بكتيا.

 

سماته الأخلاقية:

كان شهيدنا متواضعًا خلوقًا، تربى في حلقات العلم وتعلم حب التضحية والجهاد، وتربي على معاني الرجولة والشجاعة منذ صغره، كان سريع الفهم، يقظ الفؤاد، مخلصًا، دؤوبًا، ذو صبر وإقدام ورجولة، كان المنطق والحكمة سائدًا فيما يقول ويستدل، وكان أمينًا لا يفشي سرّ أحدٍ، عرف بابتسامته الصافية الصادقة الحانية التي ترتسم على شفتيه فكان لها الأثر الكبير في كسبه لودِّ الجميع من حوله، وكان يرفق بإخوانه الذين كانوا تحت إمرته، ولكنه لا يرضى باللين إذا رأى شيئًا يسخط المولى، وكان له شوق وافر بتلاوة القرآن الكريم وذكر الله سبحانه وتعالى.

وخدم الإسلام في ريعان شبابه ما أعجز كثيرًا من الكهول بأن يكونوا مثله أو شبهه، وكانت له خِبْرة في تربية الاستشهاديين ويعرف كيف ينمّي مواهبهم وطاقاتهم للنكاية في العدوّ أكثر فأكثر.

يقول أحد رفاقه: إنّ الشهيد رحمه الله كان بجانب الأعمال الشاقة في تربية الاستشهاديين، كان يروّحهم ببعض الرحلات السياحية كي لا يتعبوا.

يقول جعفر أحد تلاميذ الشهيد: قضيتُ فترة في حلقة دروس الشهيد، وقد كان الله سبحانه وتعالى منحه أوصافًا حسنة، كان جامع الكمالات، وكان بارًّا تقيًا نقيا، وبمقدار حبه للتدريس، كان يحبّ مثله أو أكثر من ذلك تربية الزملاء الاستشهاديين، وكان طويل الصمت لا يتكلم إلا وقت الحاجة. وكان يعظ المجاهدين بالحكمة والموعظة الحسنة.

يقضي حوائج النّاس في القضايات والخصامات العائلية وكانت له خبرة واسعة تجاهها، وكان الناس يتوافدون إليه علاوة من مديرية زيروك من المناطق الأخر كأرغون ورجو للمشورة حلّ نزاعاتهم. وكان رحمه الله تسرّب في قلوب مواطني زيروك في مدّة قصيرة، وبفضل جهوده صاروا من مساندي المجاهدين المخلصين وأزال الخليج الذي كان بين المواطنين والمجاهدين في مدّة قصيرة.

 

نال ما تمنى:

كانت الطائرات والمروحيات تحوم فوق مديرية زيروك بتاريخ 28 من يونيو 2019م، وبعد العشاء داهمت القوات الخاصة على المنطقة، وقد أفشل الشهيد بخططه الناجحة مداهماتهم، وقتل من العدوّ زهاء 13 جنديا، فارتبك العدوّ وهرب من المنطقة، وقام بقصف المنطقة فاستشهد جراء ذلك 6 مجاهدًا بما فيهم الحافظ المولوي عبد الحق رحمه الله، ونال ما كان يتمنى. وخلّف الشهيد 5 أولاد ومئات الرفاق والتلاميذ.

ها قد رحلت أيها المقاتلُ العنيد، وبقيت آثارك لم ترحل، نودعك وما أصعب وداع الرجال، ولكنَّ عزاءنا أنّ اللقاء قريبٌ بإذن الله، نحسبه من الشهداء الأبرار الأطهار ولا نزكي على الله أحداً، ونسأل الله تعالى أن يتقبله ويسكنه فسيح جناته، وأن يجعل جهاده خالصاً لوجهه الكريم.