الحسابات المغلوطة للجنرالات الأمريكيين حيال المقاومة الجهادية الجارية في أفغانستان

منذ البداية السياسية الأمريكية قائمة على الحسابات والتوقعات المغلوطة حيال المقاومة الجهادية الجارية في أفغانستان. وقد ثبتت عدة مرات في العقد والنصف العقد المنصرم بأن هذه الحسابات خاطئة ؛ لكن الجنرالات الأمريكيين لا يتعلمون من أخطائهم. صرح قبل مدة رئيس أركان الجيش الأمريكي الجنرال/ جوزف دانفورد قائلاً: إن طالبان أصبحت الآن ضعيفة وخفضت مستوى هجماتها. […]

منذ البداية السياسية الأمريكية قائمة على الحسابات والتوقعات المغلوطة حيال المقاومة الجهادية الجارية في أفغانستان. وقد ثبتت عدة مرات في العقد والنصف العقد المنصرم بأن هذه الحسابات خاطئة ؛ لكن الجنرالات الأمريكيين لا يتعلمون من أخطائهم.

صرح قبل مدة رئيس أركان الجيش الأمريكي الجنرال/ جوزف دانفورد قائلاً: إن طالبان أصبحت الآن ضعيفة وخفضت مستوى هجماتها. وبموازاة ذلك قدم قائد القوات الاحتلالية في أفغانستان الجنرال جان نيكلسن وقال: إن طالبان خرجت من خط النصر؛ لكن لم تجف بعد حبر تصورات وتوقعاتهم في وسائل الإعلام حتى استولى مجاهدو الإمارة الإسلامية على مناطق واسعة ومديريات في ولايات بدخشان، وبغلان، وقندوز، وهلمند، ولوجر وبكتيا وغيرها، ولازالوا يواصلون التقدم. ومن جهة أخرى إن كان كلام الجنرالات الأمريكيين حقيقة فما الداعي لإحضار 800 جندي أجنبي إضافي إلى أرض أفغانستان.؟!

وكذلك في العام 2009 م حين عُين الجنرال ميك كرستل قائداً للقوات الأمريكية في أفغانستان، فقد تنبئ المذكور : إذا ما أرسل 30 أو 40 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان؛ فإن طالبان ستواجه الهزيمة حتماً. وعلى أساس هذا التخمين والتوقع رفع عدد الجنود الأمريكيين في ديسمبر من العام نفسه إلى مائة ألف جندي، هذا العدد غير جنود التحالف الأمريكي من دول أخرى البالغ عددهم خمسون ألف جندي؛ لكن خلافاً لتوقعات ميك كرستال ليس فقط أنهم يقدروا صد هجمات مجاهدي الإمارة الإسلامية بل نشبت تراشقات كلامية بين الجنرال المذكور والبيت الأبيض إلى درجة وجدت طريقها نحو الصحافة العامة وفي النهاية أدت إلى فصله من منصبه.

الجنرال الأمريكي ذات الشعبية / ديويد بيترياس الذي كان له مكاسب في العراق حسب زعمهم، بعد تعينه في العام 2010 م بصفة القائد الأعلى لقوات الاحتلال في أفغانستان تباهى أمام الصحافة بأنه على أساس التجارب الحاصلة في العراق سيدمر المقاومة الجهادية في أفغانستان. لذا كثف بشكل مفرط من القصف الجوي العشوائي والمداهمات الليلية، وصنع الميليشيات والمرتزقة، وقتل الكثير من الأفغان العزل في أحواش بيوتهم وأمام أفراد أسرهم؛ لكنه لم يكسب أية مكاسب غير الخسائر المدنية. أضحت كافة توقعاته وتحليلاته صفراً على الشمال. ثم في وقت لا حق استدعته لجنة الخدمات العسكرية في مجلس الشيوخ الأمريكي لمعرفة الوضع العسكري في أفغانستان على أن يطرحوا عليه أسئلة في ضوء تصوراته وتوقعاته السابقة؛ لكن المذكور أثناء طرح أسئلة السناتور جان ميكين عليه أغمي وبهذه الطريقة نجى بجلده من أسئلة محرجة أخرى.

توجد هذه ومثلها عشرات الأمثلة الأخرى الملموسة التي تظهر تحليلات ومحاسبات ناقصة للجنرالات الأمريكيين حيال الوضع في أفغانستان. يتضح من ذلك بأن الجنرالات الأمريكيين إما أنهم يريدون من خلال تقديم هذه التحليلات والاظهارات الغير الواقعية إغفال الشعب الأمريكي والعالم عن الوضع الحقيقي في أفغانستان، ومدّ الحرب وتطويلها فيها، ويستمروا في نيل امتيازاتهم على الدوام، أم أنهم يفكرون بأن أمريكا والدول الاحتلالية المتحالفة معها في أفغانستان تقاتل جماعة واحدة فقط، ويمكنهم هزيمتها ومحوها؛ لكنهم نسوا هذه الحقيقة أو أسقطوها من حسبانهم بأنهم يقاتلون الشعب الأفغاني الذي شمر عن ساعديه دفاعاً عن عقيدته ووطنه، وجعل من صدره درعاً لأسلحة العصر المتطورة، هذا الشعب بقدر ما يُدك يصير فولاذياً بذاك القدر.

يجب أن يعي الحكام والجنرالات الأمريكيون بأن النفير الشعبي العام جاري في وجههم وأن أهدافه إسلامية وإنسانية ومشروعة. وعليهم بأن لا يربطوا بين هذا القيام المقدس مع ما يسمى بالإرهاب، كما لا يمكنهم إيقافه بمثل هذه التوقعات والتصورات والمحاسبات الباطلة. بدلا من ذلك يجب عليهم أن يفكروا في الحل الواقعي لقضية أفغانستان، إن حقاً هدفهم إنهاء الحرب. عليهم أن يقدموا طريقة سلمية معقولة لخروج عساكرهم. نعتبر الخير والعقلانية في ذلك.