الفرصة المتاحة يجب ألا تضاع

الوضع غير مستقر في أفغانستان منذ عدة عقود، وفي السنوات الثمانية عشر الأخيرة أقحمت أمريكا نفسها في الأزمة الأفغانية، فقامت مع حلفائها بغزو أفغانستان عسكرياً، وأرسلت عدداً كبيراً من جنودها إلى وطننا. استخدم المسئولون الأمريكيون وحلفاؤهم الدوليون وعملاؤهم الأفغان طيلة السنوات الماضية مختلف الاستراتيجيات والسياسات من أجل القضاء على الأزمة الأفغانية، وقاموا بعمليات عسكرية، وضغوطات […]

الوضع غير مستقر في أفغانستان منذ عدة عقود، وفي السنوات الثمانية عشر الأخيرة أقحمت أمريكا نفسها في الأزمة الأفغانية، فقامت مع حلفائها بغزو أفغانستان عسكرياً، وأرسلت عدداً كبيراً من جنودها إلى وطننا.

استخدم المسئولون الأمريكيون وحلفاؤهم الدوليون وعملاؤهم الأفغان طيلة السنوات الماضية مختلف الاستراتيجيات والسياسات من أجل القضاء على الأزمة الأفغانية، وقاموا بعمليات عسكرية، وضغوطات حربية، وتغيير الجنرالات والقادة، وزيادة القوات، وبذل جهود استخباراتية مختلفة، وغيرها من الجهود والمحاولات، لكن جميع هذه الجهود والمحاولات لم تدعمها العقلانية والمحاسبات الدقيقة والنتائج المدروسة، لذا فإن القضية مازالت غير محلولة، ومازالت أطول حرب في تاريخ أمريكا مستمرة، وكل يوم يتكبد الطرفان خسائر مادية وبشرية.

أثبتت التجارب التاريخية بأن الحروب لا تقضي على الحروب، بل تنتهي الحروب بالحوار والتفاوض، والسنوات الثمانية عشر الماضية برهان ساطع على هذه الحقيقة، فبعد الحروب الطويلة بدأت المفاوضات من أجل حل القضية وإنهاء الأزمة، وها هي في تطور مستمر.

ومنذ بداية شهر يوليو الجاري حصل تطوران مهمين في إطار حل القضية الأفغانية، الأول: انعقاد مرحلة جديدة من المفاوضات بين مندوبي الإمارة الإسلامية والولايات المتحدة الأمريكية في العاصمة القطرية “الدوحة”. وثانياً: انعقاد مؤتمر يومين للحوار بين الأفغان، وكلتا التطورين كانت لها نتائج إيجابية.

وقد أظهرت الجلستان بأن جميع الأطراف المتنازعة في أفغانستان الآن ملتزمة لحل الأزمة، وتعتبر الحوار والتفاوض السبيل الوحيد لحل هذه المعضلة. وهذا الإجماع متعدد الأطراف حول الحل السلمي يعد فرصة تاريخية إن تم انتهازها بالشكل المناسب، وسيؤدي إلى حل يرضى به جميع الأطراف، وسيكون بمثابة الخلاص من الخسائر الحربية للجميع.

إن إمارة أفغانستان الإسلامية تنادي جميع الجهات بأن تهتم بالفرصة المتاحة من أجل حل الأزمة، وأن تتعامل معها بجدية ودقة كما ينبغي، وأن تتقدم لمشروع الحل السلمي والمفاوضات بقوة وإخلاص، حتى تتخذ خطوات مؤثرة وواقعية نحو الحل النهائي، وعلينا أن نتذكر بأن الشعوب المتضررة من الحرب المستمرة لا ترجوا من الأطراف المتنازعة سوى ما ذكر.