جهاد شعب مسلم: 3 أخوات يقدمن 3 شهداء

سيد أحمد غزنوي   إنّ تاريخ الإسلام حافلٌ ببطولات النساء وتضحياتهنّ، وسجّل التاريخ منهنّ أروع الأمجاد والبطولات. فالمرأة أوّل من صدّقت رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، وإنّ في السيرة قسط وافرٌ من تضحيات النساء وبطولاتهنّ لانتشار الإسلام، فليست غزوة إلا وكان للنساء دورّ هام فيها بما قدّمن ولقين في سبيل الله. فمنهنّ من حافظت […]

سيد أحمد غزنوي

 

إنّ تاريخ الإسلام حافلٌ ببطولات النساء وتضحياتهنّ، وسجّل التاريخ منهنّ أروع الأمجاد والبطولات. فالمرأة أوّل من صدّقت رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، وإنّ في السيرة قسط وافرٌ من تضحيات النساء وبطولاتهنّ لانتشار الإسلام، فليست غزوة إلا وكان للنساء دورّ هام فيها بما قدّمن ولقين في سبيل الله.

فمنهنّ من حافظت عن النبي صلى الله عليه وسلم وتترست له، ومنهنّ من داوت الجرحى والمصابين، ومنهن مَن أعدّت الطعام والماء للمجاهدين، ومنهنّ من امتشقت سيفها وقاتلت بكل بسالة.

لم تكتف النساء ببطولاتهنّ وما قدّمن للإسلام فحسب؛ بل ربّين رجالا ومجاهدين أبطالاً للمجتمع الإسلامي، وهكذا قدّمن فصولًا رائعة من الإيثار والتضحية وخلدنها في التاريخ.

إنّ التاريخ الإسلامي يحوي في طيّاته أمًّا فدت ببعلها وابنيها في سبيل الله، وهي أمّ عمارة التي أصيبت بعشرات الجروح وقدمت فلذتيها قربانًا للإسلام والمسلمين. وهي التي قامت بمساعدة ابنها من قتل المدعي الكذاب مسليمة الذي ادعى النبوة زورًا وبهتانًا، وأنقذت الإسلام والمسلمين من فتنة كبيرة، وهذا مثال بسيط عن تضحية النساء في الرعيل الإيماني الأوّل.

ولم تزل هذه التضحية وتلكم الإيثار على قدمٍ وساق بين النساء المسلمات، فحتى الآن ثمة نساء مجاهدات وأبناؤهنّ مجاهدون أو التحقوا بركب الشهداء.

تزوجت 3 أخوات اللاتي كنّ من مدينة قلاتي في مديرية خواجه عمري بولاية غزني، وهؤلاء الأخوات جدّدن ذكرى تضحيات وأمجاد النساء في خير القرون، فإنْ كنّ نساء خير القرون مجاهدات مناضلات، فهؤلاء فتحن وثبتّن فصلًا جديدًا في الجهاد المعاصر أمام فرعون العصر أمريكا المتصلفة.

واقتفت الأخت الأولى أثر أمّ عمارة – رضي الله عنها-، حيث كان بعْلها مجاهدًا، وإنّ ابنها البارّ اللطيف والخلوق والعالم الفاضل الملا نصير عمر استشهد في سبيل الله وابنها الآخر متمسك بسلاح أخيه ولم يبرح الآن يكافح أعداء الله.

فلم تقدّم بعلها وبنيها قربانًا للدين الإسلامي فحسب، بل هي متقلدة وسام خدمة المجاهدين، فكان بيتها مأوى المجاهدين، تخبّئ أسلحة المجاهدين في أماكن آمنة، وتغسل ملابس المجاهدين، وتطبخ لهم الطعام الشهي، ولم تدّخر من أي جهد في سبيل الله.

فيرونها المجاهدون كأمٍ حنون لهم، ويكنّون لها التوقير والاحترام مثلما هم يكنون ذلك لأمّهاتهم، حيث شارك في جنازتها زهاء 400 مجاهد.

وأمّا الأخت الثانية فهي كأنها صفية هذا العصر، تلك الصفية التي ربّت في أحضانها زبير بن العوامّ رضي الله عنه. وقد ربّت صفية هذا العصر ابنًا اسمه مقداد، وكان قلبه عامرًا بمحبة دين الله.

لم تغره الملذّات وما انحرفت مسيرة حياته بيئة المدنية، فكان مقداد مجاهدًا مقدامًا تسرب إلى سويداء قلوب جميع إخوانه وزملائه، واهتمّ بالإعداد فوق الطاقة، وكان له مهارة فائقة في إصلاح الأسلحة وترميمها. كما كان عديم المثال في التقوى والخُلوص.

فرحل مقداد إلى بارئه نتيجة الغارة الجوية حيث استهدفته طائرة بدون طيار وهو يذكر الله سبحانه وتعالى بعدما انتهى من صلاة المغرب، وخلّف ابنة لها ستة شهور.

أمّا الأخت الثالثة فهي كأنها أمّ رومان – رضي الله عنها-، فكما أنّ أم رومان جعلت بيتها للدعاة، جعلت الأخت الثالثة بيتها في خدمة المجاهدين ولم تمنعها عن ذلك كهولة سنّها.

واستشهد ابن شابٌ لها مع مقداد ابن أختها، وكان ابنها المدعوّ الشهيد حيدري رحمه الله تمزّقت أشلاؤه في سبيل الله حيث لم يبق منه شيء، وبعض الأشلاء الباقية جعلوها في تابوت علقوا عليه صورته كي يرتوي أقاربه من رؤيته إن لم يكونوا قادرين بتقبيل جبينه.