قانون لا يفهمه الساسة البعيدون عن أوار المعركة

تدخل أفغانستان في اليوم السابع من أكتوبر 2015م عامها الرابع عشر وهي ترزح تحت وطأة الاحتلال الأمريكي المجرم. أربعة عشر عاماً من التنكيل بالشعب الأفغاني المستضعف، وتشريده، وقصفه بجميع أنواع الطائرات، وأسر أبنائه وتعذيبهم، وإهانة مقدساته، واستباحة حرماته، وصب قنابل الموت وصواريخ الشر عليه صبّاً، وكل ما يخطر على بال شياطين الإنس والجن من انتهاكات […]

تدخل أفغانستان في اليوم السابع من أكتوبر 2015م عامها الرابع عشر وهي ترزح تحت وطأة الاحتلال الأمريكي المجرم. أربعة عشر عاماً من التنكيل بالشعب الأفغاني المستضعف، وتشريده، وقصفه بجميع أنواع الطائرات، وأسر أبنائه وتعذيبهم، وإهانة مقدساته، واستباحة حرماته، وصب قنابل الموت وصواريخ الشر عليه صبّاً، وكل ما يخطر على بال شياطين الإنس والجن من انتهاكات في حق هذا الشعب المظلوم على أيدي المحتلين. غير أن الشعب الأبيّ قابل هذا العدوان الآثم منذ يومه الأول بالجهاد وبالنضال، وكانت سواعده تشتدّ وتقوى بمرور الأيام، فلا يمر يوم إلا ويلقي فيه أبناء هذا الشعب المجاهد تحيتا الصباح والمساء بالقذائف والمدافع والألغام على من اعتدى على أرضهم.

حين بدأ عدوان أمريكا الآثم على هذه الأرض المسلمة، وانحاز رجال الإمارة الإسلامية بعيداً عن المدن حفاظاً على أرواح المدنيين الأبرياء من قصف الثور الأمريكي الهائج، ظنّ المحتلون أن الميدان قد خلا لهم وأن الإمارة الإسلامية قد تبدّدت وصارت ماضٍ يُروى. لكنّ الحكومة الإسلامية التي تحالفوا على حربها وإسقاطها عادت بعد أربع عشر عاماً من الغزو البربري، عادت أكثر قوة ونضجاً ونضارة، كشجرة طيبة طالعة من أعماق الشعب الأفغاني العزيز. عادت لتحرر المديريات والولايات من سطوة عملاء الاحتلال، عادت تحرر الأسرى وتفك قيد المظلومين، عادت تسقط طائرات ومروحيات المحتلين وعملائهم وتمرغ أنف المعتدين في الأوحال والطين. فالخسائر الاقتصادية التي تكبّدها الاحتلال الأمريكي جراء عدوانه على أفغانستان تُقدّر بأكثر من 2 تريليون دولار أمريكي، أما الخسائر في صفوف جنوده فبلغ 3496 قتيلاً وآلاف مؤلّفة أخرى من الجرحى والمعاقين والمرضى النفسيين.

وعلى الرغم من كل ما ذكرناه آنفاً من الهزائم التي تجرّعها الاحتلال على أيدي أبطال الشعب الأفغاني طيلة الأربعة عشر عاماً الماضية، يظهر الرئيس الأمريكي “أوباما” مؤخراً ليعلن عن تمديد بقاء حوالي عشرة آلاف جندي أمريكي محتل طوال العام المقبل 2016م، وتقليص العدد المذكور إلى 5500 جندي محتل مع بداية عام 2017م.

إن الأمر الذي لا يفهمه أوباما -أو ربما لا يريد فهمه- هو أن الجهاد على أرض أفغانستان سيظل مشتعلاً وأن فتيل القتال سيظل مضطرماً طالما بقي جندي محتل واحد! فما بالكم بالخمسة أو العشرة آلاف محتل!؟

لقد قالها الشعب الأفغاني صراحة، مراراً وتكراراً، ممثلاً بإمارة أفغانستان الإسلامية:

– لا مكان لجندي محتل واحد على أرضنا! وسيستمر كفاحنا المقدّس حتى طرد آخر محتل، وحتى تحرير آخر شبر من دنس الاحتلال الصليبي. وإن وجود أي جندي محتل تحت أي مُسمى يعني إستمرار الحرب والقتال.

– لا مساومة، لا تنازل، لا تخلّي عن هدف إقامة النظام الإسلامي الحر العادل على أرضنا.

 

إن الناظر في خطاب أوباما حول أفغانستان، ليحسب -لأول وهلة- أنه يتحدث عن ولاية من ولايات بلاده!! فثمّة ربط عجيب بين أمن بلاده واستمرار احتلال أفغانستان! أي أنه يقول بلغة المعادلات: أمن أمريكا = استمرار احتلال أفغانستان!. بينما الواقع والحقيقة يقولان أن أمن أمريكا والمنطقة لا يمر عبر استمرار احتلال أفغانستان ولا يمر عبر استمرار العربدة الأمريكية من قتل وأسر وتعذيب وتنكيل وتعدّي على مقدسات الشعوب!

إن ما عجز مئة ألف جندي محتل عن تحقيقه في أربعة عشر سنة يا أوباما، لن يحققه لا عشرة آلاف ولا خمسة آلاف ولا حتى مليون جندي! فالشعب الأفغاني على استعداد أن يفنى في سبيل انتزاع حريته وكرامته وعزته والعيش تحت ظلال حكومته الإسلامية العادلة التي ارتضاها لنفسه.

 

إن القانون الفيزيائي المادّي -يا أوباما- الذي تعلمته أنت والساسة البعيدون عن أوار المعارك يقول: “إن لكل فعل، ردة فعل، مساوية له في المقدار، ومعاكسه له في الإتجاه”. بينما ثمّة قانون جديد، حيّ، صنعه أبطال أفغانستان، ويدركه جنودك المحتلين على الأرض جيداً، يقول: “إن لكل إجرام أمريكي، مقاومة أفغانية، أقل منه في العدة، وأنكى منه في القتال”.